تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٤٠
هي العفة بالفرج، واليد، واللسان، واحتمال العظائم، وهنا هو الحلم وغيره من تحمل الغرامات والإنقاذ من الهلكات، وجبر الكسير، والإفضال على المسترفد، وانظر قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا سيد ولد آدم، ولا فخر "، وذكر حديث الشفاعة في إطلاق الموقف، وذلك منه اعتمال في رضا ولد آدم، ثم:
قال * ع *: أما أنه يحسن بالتقي العالم أن يأخذ من السؤدد بكل ما لا يخل بعلمه وتقاه، وهكذا كان يحيى - عليه السلام -.
وقوله تعالى: (وحصورا) أصل هذه اللفظة: الحبس والمنع، ومنه: حصر العدو.
قال * ع *: وأجمع من يعتد بقوله من المفسرين على أن هذه الصفة ليحيى - عليه السلام - إنما هي الامتناع من وطء النساء إلا ما حكى مكي من قول من قال: إنه الحصور عن الذنوب، وذهب بعض العلماء إلى أن حصره كان بأنه يمسك نفسه، تقي وجلدا في طاعة الله سبحانه، وكانت به القدرة على جماع النساء، قالوا: وهذه أمدح له، قال الإمام الفخر: وهذا القول هو اختيار المحققين، أنه لا يأتي النساء، لا للعجز، بل للعصمة والزهد.
قلت: قال عياض: أعلم أن ثناء الله تعالى على يحيى - عليه السلام -، بأنه حصور، ليس كما قال بعضهم: إنه كان هيوبا أو لا ذكر له، بل قد أنكر هذا حذاق المفسرين، ونقاد العلماء، وقالوا: هذه نقيصة وعيب، ولا تليق بالأنبياء - عليهم السلام -، وإنما معناه: معصوم من الذنوب، أي: لا يأتيها، كأنه حصر عنها، وقيل: مانعا نفسه من الشهوات، وقيل: ليست له شهوة في النساء، كفاية من الله له، لكونها مشغلة في كثير من
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة