تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ١٣٥
قال ابن العربي في " أحكامه ": وهذا القول هو الصحيح، وذلك أن قوما غلوا من الغنائم، أو هموا، فأنزل الله تعالى الآية، فنهاهم الله عن ذلك، رواه الترمذي. انتهى.
وقوله تعالى: (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة...) الآية: وعيد لمن يغل من الغنيمة، أو في زكاته بالفضيحة يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، قال القرطبي في " تذكرته ": قال علماؤنا (رحمهم الله) في قوله تعالى: (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة): إن ذلك على الحقيقة، كما بينه صلى الله عليه وسلم، أي: يأتي به حاملا له على ظهره ورقبته، معذبا بحمله وثقله، ومروعا بصوته، وموبخا بإظهار خيانته. انتهى. وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " أدوا الخائط والمخيط، فإن الغلول عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة " رواه مالك في " الموطأ "، قال أبو عمر في " التمهيد ": الشنار: لفظة جامعة لمعنى العار والنار، ومعناها الشين، والنار، يريد أن الغلول شين وعار ومنقصة في الدنيا، وعذاب في الآخرة. انتهى. وفي الباب أحاديث صحيحة في الغلول، وفي منع الزكاة.
وقوله سبحانه: (أفمن اتبع رضوان الله)، أي: الطاعة الكفيلة برضوان الله.
قال * ص *: " أفمن ": استفهام، معناه: النفي، أي: ليس من اتبع ما يئول به إلى رضا الله تعالى عنه، فباء برضاه، كمن لم يتبع لذلك، فباء بسخطه. انتهى.
وقوله سبحانه: (هم درجات عند الله) قال ابن إسحاق وغيره: المراد بذلك الجمعان المذكوران، أهل الرضوان، وأصحاب السخط، / أي: لكل صنف منهم تباين في نفسه في منازل الجنة، وفي أطباق النار أيضا، وقال مجاهد والسدي ما ظاهره: أن المراد بقوله: " هم "، إنما هو لمتبعي الرضوان، أي: لهم درجات كريمة عند ربهم، وفي الكلام حذف، تقديره: هم ذوو درجات، والدرجات: المنازل بعضها أعلى من بعض في المسافة، أو في التكرمة، أو في العذاب، وباقي الآية وعد ووعيد.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة