تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ١٣٨
وقوله تعالى: (الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا)، (الذين) بدل من (الذين) المتقدم، (لإخوانهم)، أي: لأجل إخوانهم، أو في شأن إخوانهم المقتولين، ويحتمل أن يريد: لإخوانهم الأحياء من المنافقين، ويكون الضمير في " أطاعونا " للمقتولين، وقعدوا: جملة في موضع الحال، معترضة أثناء الكلام، وقولهم: (لو أطاعونا)، يريدون: في ألا يخرجوا، وباقي الآية بين.
ثم أخبر سبحانه عن الشهداء، أنهم في الجنة أحياء يرزقون، وعن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " إن الله يطلع على الشهداء، فيقول: يا عبادي، ما تشتهون، فأزيدكم؟ فيقولون: يا ربنا، لا فوق ما أعطيتنا، هذه الجنة نأكل منها حيث نشاء، لكنا نريد أن تردنا إلى الدنيا، فنقاتل في سبيلك، فنقتل مرة أخرى، فيقول سبحانه: قد سبق أنكم لا تردون "، والأحاديث في فضل الشهداء كثيرة.
قال الفخر: والروايات في هذا الباب كأنها بلغت حد التواتر، ثم قال: قال بعض المفسرين: أرواح الشهداء أحياء، وهي تركع وتسجد تحت العرش إلى يوم القيامة. انتهى.
والعقيدة أن الأرواح كلها أحياء، لا فرق بين الشهداء وغيرهم في ذلك إلا ما خصص الله به الشهداء من زيادة المزية والحياة التي ليست بمكيفة، وفي " صحيح مسلم "، عن مسروق قال، سألنا ابن مسعود عن هذه الآية: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)، فقال: أما أنا، فقد سألت عن ذلك، فقال، يعني النبي صلى الله عليه وسلم:
" أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل...) الحديث إلى آخره اه‍.
ومن الآثار الصحيحة الدالة على فضل الشهداء ما رواه مالك في " الموطإ "، أنه بلغه أن عمرو بن الجموح، وعبد الله بن عمرو الأنصاريين ثم السلميين كانا قد حفر السيل
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة