وقوله تعالى: (قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم)، من أمر القربان، والمعنى: أن هذا منكم تعلل / وتعنت، ولو أتيتكم بقربان، لتعللتم بغير ذلك، ثم أنس سبحانه نبيه بالأسوة والقدوة فيمن تقدم من الأنبياء.
قال الفخر: والمراد (بالبينات) المعجزات. انتهى.
(والزبر): الكتاب المكتوب، قال الزجاج: زبرت: كتبت.
(كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور (185) وقوله سبحانه: (كل نفس ذائقة الموت...) الآية: وعظ فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، ولأمته عن أمر الدنيا وأهلها، ووعد بالفلاح في الآخرة، فبالفكرة في الموت يهون أمر الكفار وتكذيبهم، (وإنما توفون أجوركم)، أي: على الكمال، ولا محالة أن يوم القيامة تقع فيه توفية الأجور، وتوفية العقوبات، و (زحزح): معناه: أبعد، والمكان الزحزاح:
البعيد، و (فاز): معناه: نجا من خطره وخوفه، و (الغرور): الخدع، والترجية بالباطل والحياة الدنيا، و (كل) ما فيها من الأموال هي متاع قليل يخدع المرء، ويمنيه الأباطيل، وعلى هذا فسر الآية جمهور المفسرين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها "، ثم تلا هذه الآية، قلت: وأسند أبو بكر بن الخطيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ما سكن حب الدنيا قلب عبد قط إلا التاط منها بخصال ثلاث: أمل لا يبلغ منتهاه، وفقر لا يدرك غناه، وشغل لا ينفك عناه ". انتهى.
(* لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور (186)) وقوله تعالى: (لتبلون في أموالكم وأنفسكم...) الآية: خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وأمته، والمعنى: لتختبرن ولتمتحنن في أموالكم بالمصائب والأرزاء، وبالإنفاق في سبيل الله،