تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ١٣٠
وغيره، والضرب في الأرض: السير في التجارة، وغزى: جمع غاز.
وقوله تعالى: (ليجعل الله ذلك) الإشارة ب‍ " ذلك " إلى هذا المعتقد الذي جعله الله حسرة لهم، لأن الذي يتيقن أن كل قتل وموت، إنما هو بأجل سابق يجد برد اليأس والتسليم لله سبحانه على قلبه، والذي يعتقد أن حميمه لو قعد في بيته، لم يمت، يتحسر ويتلهف، وعلى هذا التأويل، مشى المتأولون، وهو أظهر ما في الآية، والتحسر: التلهف على الشئ، والغم به.
وقوله سبحانه: (والله بما تعملون بصير) توكيد للنهي في قوله: (لا تكونوا) ووعيد لمن خالفه، ووعد لمن امتثله.
وقوله سبحانه: (ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم) اللام في (ولئن قتلتم) هي المؤذنة بمجيء القسم، واللام في قوله: (لمغفرة) هي المتلقية للقسم، والتقدير: والله، لمغفرة وترتب الموت قبل القتل في قوله تعالى: (ما ماتوا وما قتلوا)، مراعاة لترتب الضرب في الأرض والغزو، وقدم القتل هنا، لأنه الأشرف الأهم، ثم قدم الموت في قوله تعالى: (ولئن متم أو قتلتم)، لأنها آية وعظ بالآخرة والحشر، وآية تزهيد في الدنيا والحياة، وفي الآية تحقير لأمر الدنيا، وحض على طلب الشهادة، والمعنى: إذا كان الحشر لا بد في كلا الأمرين، فالمضي إليه في حال شهادة أولى، وعن سهل بن حنيف، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه "، رواه الجماعة إلا البخاري، وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة