تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٤٢١
عباس ومجاهد والحسن وغيرهم: * (إلى طعامه) *: أي إذا صار رجيعا ليتأمل عاقبة الدنيا على أي شيء يتفانى أهلها. وقرأ الجمهور: إنا بكسر الهمزة؛ والأعرج وابن وثاب والأعمش والكوفيون ورويس: * (أنا) * بفتح الهمزة؛ والحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما: أني بفتح الهمزة مما لا؛ فالكسر على الاستئناف في ذكر تعداد الوصول إلى الطعام، والفتح قالوا على البدل، ورده قوم، لأن الثاني ليس الأول. قيل: وليس كما ردوا لأن المعنى: فلينظر الإنسان إلى إنعامنا في طعامه، فترتب البدل وصح. انتهى. كأنهم جعلوه بدل كل من كل، والذي يظهر أنه بدل الاشتمال. وقراءة أبي ممالا على معنى: فلينظر الإنسان كيف صببنا. وأسند تعالى الصب والشق إلى نفسه إسناد الفعل إلى السبب، وصب الماء هو المطر. والظاهر أن الشق كناية عن شق الفلاح بما جرت العادة أن يشق به. وقيل: شق الأرض هو بالنبات. * (حبا) *: يشمل ما يسمى حبا من حنطة وشعير وذرة وسلت وعدس وغير ذلك. * (وقضبا) *، قال الحسن: العلف، وأهل مكة يسمون القت القضب. وقيل: الفصفصة، وضعف لأنه داخل في الأب. وقيل: ما يقضب ليأكله ابن آدم غضا من النبات، كالبقول والهليون. وقال ابن عباس: هو الرطب، لأنه يقضب من النخل، ولأنه ذكر العنب قبله. * (غلبا) *، قال ابن عباس: غلاظا، وعنه: طوالا؛ وعن قتادة وابن زيد: كراما؛ * (وفاكهة) *: ما يأكله الناس من ثمر الشجر، كالخوخ والتين؛ * (وأبا) *: ما تأكله البهائم من العشب. وقال الضحاك: التبن خاصة. وقال الكلبي: كل نبات سوى الفاكهة رطبها، والأب: يابسها. * (الصاخة) *: اسم من أسماء القيامة يصم نبأها الآذان، تقول العرب: صختهم الصاخة ونابتهم النائبة، أي الداهية. وقال أبو بكر بن العربي: الصاخة هي التي تورث الصمم، وأنها لمسمعة، وهذا من بديع الفصاحة، كقوله:
* أصمهم سرهم أيام فرقتهم * فهل سمعتم بسر يورث الصمما * وقول الآخر:
أصم بك الناعي وإن كان أسمعا ولعمر الله إن صيحة القيامة مسمعه تصم عن الدنيا وتسمع أمور الآخرة. انتهى. * (يوم يفر) *: بدل من إذا، وجواب إذا محذوف تقديره: اشتغل كل إنسان بنفسه، يدل عليه: * (لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه) *، وفراره من شدة الهول يوم القيامة، كما جاء من قول الرسل: (نفسي نفسي). وقيل: خوف التبعات، لأن الملابسة تقتضي المطالبة. يقول الأخ: لم تواسني بمالك، والأبوان قصرت في برنا، والصحابة أطمتني الحرام وفعلت وصنعت، والبنون لم تعلمنا وترشدنا. وقرأ الجمهور: * (يغنيه) *: أي عن النظر في شأن الآخر من الإغناء؛ والزهري وابن محيصن وابن أبي عبلة وحميد وابن السميقع: يعنيه بفتح الياء والعين المهملة، من قولهم: عناني الأمر: قصدني. * (مسفرة) *: مضيئة، من أسفر الصبح: أضاء، و * (ترهقها) *: تغشاها، * (قترة) *: أي غبار. والأولى ما يغشاه من العبوس عند الهم، والثانية من غبار الأرض. وقيل: * (غبرة) *: أي من تراب الأرض، وقترة: سواد كالدخان. وقال زيد بن أسلم: الغبرة: ما انحطت إلى الأرض، والقترة: ما ارتفعت إلى السماء. وقرأ الجمهور: قترة، بفتح التاء؛ وابن أبي عبلة: بإسكانها.
(٤٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 ... » »»