الفاعلين. وجاء قتلت بناء على أن الكلام إخبار عنها، ولو حكى ما خوطبت به حين سئلت لقيل: قتلت. وقرأ الحسن والأعرج: سئلت، بكسر السين، وذلك على لغة من قال: سأل بغير همز. وقرأ أبو جعفر: بشد الياء، لأن الموؤودة اسم جنس، فناسب التكثير باعتبار الأشخاص. وقرأ ابن مسعود وعلي وابن عباس وجابر بن زيد وأبو الضحى ومجاهد: سألت مبنيا للفاعل، قتلت بسكون اللام وضم التاء، حكاية لكلامها حين سئلت. وعن أبي وابن مسعود أيضا والربيع بن خيثم وابن يعمر: سألت مبنيا للفاعل. * (بأى * ذنب قتلت) *: مبنيا للمفعول بتاء التأنيث فيهما إخبارا عنهما، ولو حكي كلامها لكان قتلت بضم التاء.
وكان العرب إذا ولد لأحدهم بنت واستحياها، ألبسها جبة من صوف أو شعر وتركها ترعى الإبل والغنم، وإذا أراد قتلها تركها حتى إذا صارت سداسية قال لأمها: طيبيها ولينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها، وقد حفر حفرة أو بئرا في الصحراء، فيذهب بها إليها ويقول لها انظري فيها؛ ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى يستوي بالأرض. وقيل: كانت الحامل إذا قرب وضعها حفرت حفرة فتمخضت على رأسها، فإذا ولدت بنتا رمت بها في الحفرة، وإن ولدت ابنا حبسته. وقد افتخر الفرزدق، وهو أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية، بجده صعصعة، إذ كان منع وأد البنات فقال:
* ومنا الذي منع الوائدات * فأحيا الوئيد ولم يوئد * * (وإذا الصحف نشرت) *: صحف الأعمال كانت مطوية على الأعمال، فنشرت يوم القيامة ليقرأ كل إنسان كتابه. وقيل: الصحف التي تتطاير بالإيمان والشمائل بالجزاء، وهي صحف غير صحف الأعمال. وقرأ أبو رجاء وقتادة والحسن والأعرج وشيبة وأبو جعفر ونافع وابن عامر وعاصم: نشرت بخف الشين؛ وباقي السبعة: بشدها. وكشط السماء: طيها كطي السجل. وقيل: أزيلت كما يكشط الجلد عن الذبيحة. وقرأ عبد الله: قشطت بالقاف، وهما كثيرا ما يتعاقبان، كقولهم: عربي قح وكح، وتقدمت قراءته قافورا، أي كافورا. وقرأ نافع وابن عامر وحفص: * (سعرت) * بشد العين؛ وباقي السبعة: بخفها، وهي قراءة علي. قال قتادة: سعرها غضب الله تعالى وذنوب بني آدم، وجواب إذا وما عطفت عليه * (علمت نفس ما أحضرت) *: ونفس تعم في الإثبات من حيث المعنى، ما أحضرت من خير تدخل به الجنة، أو من شر تدخل به النار. وقال ابن عطية: ووقع الإفراد لينبه الذهن على حقارة المرء الواحد وقلة دفاعه عن نفسه. انتهى.
وقرئت هذه السورة عند عبد الله، فلما بلغ القارئ * (علمت نفس ما أحضرت) *، قال عبد الله: (وانقطاع ظهراه). * (بالخنس) *، قال الجمهور: الدراري السبعة: الشمس والقمر، وزحل، وعطارد، والمريخ، والزهرة، والمشتري. وقال: على الخمسة دون الشمس والقمر، تجري الخمسة مع الشمس والقمر، وترجع حتى تخفى مع ضوء الشمس، قاله الزمخشري. وقال ابن عطية: تخنس في جريها التي يتعهد فيها ترى العين، وهي جوار في السماء، وهي تكنس في أبراجها، أي تستتر. وقال علي أيضا والحسن وقتادة: هي النجوم كلها لأنها تخنس وتكنس بالنهار حين تختفي. وقال الزمخشري: أي تخنس بالنهار وتكنس بالليل، أي تطلع في أماكنها كالوحش في كنسها. انتهى. وقال عبد الله والنخعي وجابر بن زيد وجماعة: المراد * (بالخنس الجوار الكنس) *: بقر الوحش، لأنها تفعل هذه الأفعال في كنائسها. وقال ابن عباس وابن جبير والضحاك: هي الظباء، والخنس من صفة الأنوق لأنها يلزمها الخنس، وكذا بقر الوحش.
* (عسعس) * بلغة قريش، وقال الحسن: أقبل ظلامه، ويرجحه مقابلته بقوله: * (والصبح إذا تنفس) *، فهما حالتان. وقال المبرد: أفسم بإقباله وإدباره وتنفسه كونه يجيء معه روح ونسيم، فكأنه نفس له على المجاز. * (أنه) *: أي إن هذا المقسم عليه، أي إن القرآن * (لقول رسول كريم) *؛ الجمهور: على أنه جبريل عليه السلام. وقيل: محمد صلى الله عليه وسلم)، وكريم صفة تقتضي نفي المذام كلها وإثبات صفات المدح اللائقة به. * (ذى قوة) *: كقوله: * (شديد