تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٤١٨
القضب، قال الخليل، الفصفصة الرطبة، ويقال بالسين، فإذا يبست فهي القت. قال: والقضب اسم يقع على ما يقع من أغصان الشجرة ليتخذ منها سهام أو قسي.
الغلب جمع غلباء، يقال: حديقة غلباء: غليظة الشجر ملتفة، واغلولب العشب: بلغ والتف بعضه ببعض، ورجل أغلب: غليظ الرقبة، والأصل في هذا الوصف استعماله في الرقاب، ومنه قول عمرو بن معدي كرب:
* يسعى بها غلب الرقاب كأنهم * بزل كسين من الشعور جلالا * الأب: المرعى لأنه يؤب، أي يؤم وينتجع، والأب والأم أخوان. قال الشاعر:
* جذمنا قيس ونجد دارنا * ولنا الأب به والمكرع * وقيل: ما يأكله الآدميون من النبات يسمى الحصيد، وما أكله غيرهم يسمى الأب، ومنه قول الصحابة يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم):
* له دعوة ميمونة ريحها الصبا * بها ينبت الله الحصيدة والأبا * الصاخة، قال الخليل: صيحة تصخ الآذان صخا، أي تصمها لشدة وقعتها. وقيل: مأخوذة من صخه بالحجر إذا صكه. وقال الزمخشري: أصاخ لحديثه مثل أصاخ له. الغبرة: الغبار. القترة: سواد كالدخان. وقال أبو عبيدة: القتر في كلام العرب: الغبار، جمع القترة. وقال الفرزدق:
* متوج برداء الملك يتبعه * فوج ترى فوقه الرايات والقترا * * (عبس وتولى * أن جاءه الاعمى * وما يدريك لعله يزكى * أو يذكر فتنفعه الذكرى * أما من استغنى * فأنت له تصدى * وما عليك ألا يزكى * وأما من جاءك يسعى * وهو يخشى * فأنت عنه تلهى * كلا إنها تذكرة * فمن شاء ذكره * فى صحف مكرمة * مرفوعة مطهرة * بأيدى سفرة * كرام بررة * قتل الإنسان ما أكفره * من أى شىء خلقه * من نطفة خلقه فقدره * ثم السبيل يسره * ثم أماته فأقبره * ثم إذا شاء أنشره * كلا لما يقض ما أمره * فلينظر الإنسان إلى طعامه * أنا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الارض شقا * فأنبتنا فيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا * وفاكهة وأبا * متاعا لكم ولانعامكم * فإذا جاءت الصاخة * يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه * وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة * أولئك هم الكفرة الفجرة) *.
هذه السورة مكية. وسبب نزولها مجيء ابن أم مكتوم إليه / صلى الله عليه وسلم)، وقد ذكر أهل الحديث وأهل التفسير قصته. ومناسبتها لما قبلها: أنه لما ذكر * (إنما أنت منذر من يخشاها) *، ذكر في هذه من ينفعه الإنذار ومن لم ينفعه الإنذار، وهم الذين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم) يناجيهم في أمر الإسلام: عتبة بن ربيعة وأبو جهل وأبي وأمية، ويدعوهم إليه.
* (أن جاءه) *: مفعول من أجله، أي لأن جاءه، ويتعلق بتولى على مختار البصريين في الأعمال، وبعبس على مختار أهل الكوفة. وقرأ الجمهور؛ * (عبس) * مخففا، * (ءان) * بهمزة واحدة؛ وزيد بن علي: بشد الباء؛ وهو
(٤١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 ... » »»