خبر * (قلوب) *. وقال ابن عطية: رفع قلوب بالابتداء، وجاز ذلك، وهي نكرة لأنها قد تخصصت بقوله: * (يومئذ) *. انتهى. ولا تتخصص الأجرام بظروف الزمان، وإنما تخصصت بقوله: * (واجفة) *. * (يقولون) *: حكاية حالهم في الدنيا، والمعنى: هم الذين يقولون. و * (الحافرة) *، قال مجاهد: فاعلة بمعنى مفعولة. وقيل: على النسب، أي ذات حفر، والمراد القبور، أي لمردودون أحياء في قبورنا. وقال زيد بن أسلم: الحافرة: النار. وقيل: جمع حافرة بمعنى القدم، أي أحياء نمشي على أقدامنا ونطأ بها الأرض. وقال ابن عباس: الحياة الثانية هي أول الأمر، وتقول التجار: النقد في الحافرة، أي في ابتداء السوم. وقال الشاعر:
* آليت لا أنساكم فاعلموا * حتى ترد الناس في الحافرة * وقرأ أبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة: في الحفرة بغير ألف؛ والجمهور: بالألف. وقيل: هما بمعنى واحد. وقيل: هي الأرض المنبتة المتغيرة بأجساد موتاها، من قولهم: حفرت أسنانه إذا تآكلت وتغيرت. وقرأ عمر وأبي وعبد الله وابن الزبير وابن عباس ومسروق ومجاهد والأخوان وأبو بكر: ناخرة بألف؛ وأبو رجاء والحسن والأعرج وأبو جعفر وشيبة والسلمي وابن جبير والنخعي وقتادة وابن وثاب وأيوب وأهل مكة وشبل وباقي السبعة: بغير ألف. * (قالوا تلك إذا) *: أي الردة إلى الحافرة إن رددنا، * (كرة خاسرة) *: أي قالوا ذلك لتكذيبهم بالغيب، أي لو كان هذا حقا، لكانت ردتنا خاسرة، إذ هي إلى النار. وقال الحسن: خاسرة: كاذبة، أي ليست بكافية، وهذا القول منهم استهزاء. وروي أن بعض صناديد قريش قال ذلك. * (فإنما هى زجرة واحدة) * لما تقدم. * (يقولون * أءنا لمردودون) *: تضمن قولهم استبعاد النشأة الثانية واستضعاف أمرها، فجاء قوله: * (فإنما) * مراعاة لما دل عليه استبعادهم، فكأنه قيل: ليس بصعب ما تقولون، فإنما هي نفخة واحدة، فإذا هم منشورون أحياء على وجه الأرض. قال ابن عباس: الساهرة أرض من فضة يخلقها الله تعالى. وقال وهب بن منبه: جبل بالشام يمده الله تعالى يوم القيامة لحشر الناس. وقال أبو العالية وسفيان: أرض قريبة من بيت المقدس. وقال ابن عباس: أرض مكة. وقال قتادة: جهنم، لأنه لا نوم لمن فيها. رأى أن الضمائر قبلها إنما هي للكفار ففسرها بجهنم. وقيل: الأرض السابعة يأتي بها الله يحاسب عليها الخلائق.
ولما أنكروا البعث وتمردوا، شق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فقص تعالى عليه قصة موسى عليه السلام، وتمرد فرعون على الله عز وجل حتى ادعى الربوبية، وما آل إليه حال موسى من النجاة، وحال فرعون من الهلاك، فكان ذلك مسلاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم) وتبشيرا بهلاك من يكذبه، ونجاته هو من أذاهم. فقال تعالى: * (هل أتاك) *، توقيفا له على جمع النفس لما يلقيه إليه، وتقدم الكلام في الوادي المقدس، والخلاف في القراءات في * (طوى) *. * (اذهب إلى فرعون) *: تفسير للنداء، أو على إضمار القول، * (فقل هل لك إلى أن تزكى) *: لطف في الاستدعاء لأن كل عاقل يجيب مثل هذا السؤال بنعم، وتزكى: تتحلى بالفضائل وتتطهر من الرذائل، والزكاة هنا يندرج فيها الإسلام وتوحيد الله تعالى. وقرأ الحرميان وأبو عمرو: بخلاف تزكى وتصدى، بشد الزاي والصاد؛ وباقي السبعة: بخفها. وتقول العرب: هل لك في كذا، أو هل إلى كذا؟ فيحذفون القيد الذي تتعلق به إلى، أي هل لك رغبة أو حاجة إلى كذا؟ أو سبيل إلى كذا؟ قال الشاعر:
* فهل لكم فيها إلي فإنني * بصير بما أعيا النطاسي حذيما *