تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٤٠٢
* تمشي الهوينا مائلا خمارها * قد أعصرت أو قد دنا إعصارها الثج، قال ثعلب: أصله شدت الانصباب. وقال الأزهري: مطر ثجاج: شديد الانصباب، ثج الماء وثججته ثجا وثجوجا: يكون لازما بمعنى الانصباب وواقعا بمعنى الصب. قال الشاعر في وصف الغيث:
* إذا رمقت فيها رحى مرجحنه تنعج ثجاجا عزير الحوافل * ألفافا جمع لف، ثم جمع لف على ألفاف. الكواعب جمع كاعب: وهي التي برز نهدها، ومنه كعب الزجل لبروزه، ومنه الكعبة. قال عاصم بن قيس المنقري:
* وكم من حصان قد حوينا كريمة * ومن كاعب لم تدر ما البؤس معصر الدهاق: الملأى، مأخوذ من الدهق، وهو ضغط الشيء وشده باليد كأنه لامتلأته انضغط. وقيل: الدهاق: المتتابعة، قال الشاعر:
* أتانا عامر يبغي قرانا فأترعنا له كأسا دهاقا * وقال آخر:
* لأنت إلى الفؤاد أحب قربا * من الصادي إلى كأس دهاق * * (عم يتساءلون * عن النبإ العظيم * الذى هم فيه مختلفون * كلا سيعلمون * ثم كلا سيعلمون * ألم نجعل الارض مهادا * والجبال أوتادا * وخلقناكم أزواجا * وجعلنا نومكم سباتا * وجعلنا اليل لباسا * وجعلنا النهار معاشا * وبنينا فوقكم سبعا شدادا * وجعلنا سراجا وهاجا * وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا * لنخرج به حبا ونباتا * وجنات ألفافا * إن يوم الفصل كان ميقاتا * يوم ينفخ فى الصور فتأتون أفواجا * وفتحت السماء فكانت أبوابا * وسيرت الجبال فكانت سرابا) *.
هذه السورة مكية. وروي أنه صلى الله عليه وسلم) لما بعث، جعل المشركون يتساءلون بينهم فيقولون: ما الذي أتى به؟ ويتجادلون فيما بعث به، فنزلت. ومناسبتها لما ذكر قبلها ظاهرة. لما ذكر * (فبأي حديث بعده يؤمنون) *، أي بعد الحديث الذي هو القرآن، وكانوا يتجادلون فيه ويسائلون عنه، قال: * (عم يتساءلون) *. وقرأ الجمهور: * (عم) *؛ وعبد الله وأبي وعكرمة وعيسى: عما بالألف، وهو أصل عم، والأكثر حذف الألف من ما الاستفهامية إذا دخل عليها حرف الجر وأضيف إليها. ومن إثبات الألف قوله:
* على ما قام يشتمني لئيم * كخنزير تمرغ في رماد * وقرأ الضحاك وابن كثير في رواية: عمه بهاء السكت، أجرى الوصل مجرى الوقف، لأن الأكثر في الوقف على ما
(٤٠٢)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»