حرث الدنيا نؤته منها) *: أي العمل لها لا لآخرته، * (نؤته منها) *: أي نعطه شيئا منها، * (له فى الاخرة من نصيب) *، لأنه لم يعمل شيئا للآخرة. والجملة الأولى وعد منجز، والثانية مقيدة بمشيئته تعالى، فلا يناله إلا رزقه الذي فرغ منه، وكل ما يريده هو. واقتصر في عامل الآخرة على ذكر حظه في الآخرة، كأنه غير معتبر، فلا يناسب ذكر مع ما أعد الله له في الآخرة لمن يشاء ما يشاء. وجعل فعل الشرط ماضيا، والجواب مجزوم لقوله تعالى: * (من كان يريد الحيواة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها) *، ولا نعلم خلافا في جواز الجزم، فإنه فصيح مختار، إلا ما ذكره صاحب كتاب الإعراب، وهو أبو الحكم بن عذرة، عن بعض النحويين، أنه لا يجيء في الكلام الفصيح، وإنما يجيء مع كأن لأنها أصل الأفعال، ولا يجيء مع غيرها من الأفعال. ونص كلام سيبويه والجماعة أنه لا يختص ذلك بكان، بل سائر الأفعال في ذلك مثلها، وأنشد سيبويه للفرزدق:
* دست رسولا بأن القوم إن قدروا * عليك يشفوا صدورا ذات توغير وقال آخر:
* تعال فإن عاهدتني لا تخونني * نكن مثل من يا ذئب يصطحبان * * وقرأ الجمهور: نزد ونؤته بالنون فيهما: وابن مقسم، والزعفراني، ومحبوب، والمنقري، كلاهما عن أبي عمرو: بالياء فيهما. وقرأ سلام: نؤته منها برفع الهاء، وهي لغة الحجاز.
* (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضى بينهم وإن الظالمين) *.
* (أم لهم شركاء) *: استفهام تقرير وتوبيخ. لما ذكر تعالى أنه شرع للناس * (ما وصى به نوحا) * الآية، أخذ ينكر ما شرع غيره تعالى. والشركاء هنا يحتمل أن يراد به شركاؤهم في الكفر، كالشياطين والمغوين من الناس. والضمير في شرعوا عائد على الشركاء، والضمير في لهم عائد على الكفار المعاصرين للرسول؛ ويحتمل أن يراد به الأصنام والأوثان وكل من جعلوه شريكا لله. وأضيف الشركاء إليهم لأنهم متخذوها شركاء لله، فتارة إليهم بهذه الملابسة، وتارة إلى الله. والضمير في