بيمينه. وقيل: قبضته ملكه بلا مدافع ولا منازع، وبيمينه: وبقدرته.
قال الزمخشري: وقيل: مطويات بيمينه: مفنيات بقسمه، لأنه أقسم أن يفنيها؛ ثم أخذ ينحي على من تأول هذا التأويل بما يوقف عليه في كتابه، وإنما قدر عظمته بما سبق إردافه أيضا بما يناسب من ذلك، إذ كان فيما تقدم ذكر حال الأرض والسماوات يوم القيامة، فقال: * (ونفخ فى الصور) *، وهل النفخ في الصور ثلاث مرات أو نفختان؟ قول الجمهور: فنفخة الفزع هي نفخة الصعق، والصعق هنا الموت، أي فمات من في السماوات ومن في الأرض. قال ابن عطية: والصور هنا: القرن، ولا يتصور هنا غير هذا. ومن يقول: الصور جمع صورة، فإنما يتوجه قوله في نفخة البعث. وروي أن بين النفختين أربعين. انتهى، ولم يعين. وقراءة قتادة، وزيد بن علي هنا: في الصور، بفتح الواو جمع صورة، يعكر على قول ابن عطية، لأنه لا يتصور هنا إلا أن يكون القرن، بل يكون هذا النفخ في الصور مجازا عن مشارفة الموت وخروج الروح. وقرئ: فصعق بضم الصاد، والظاهر أن الاستثناء معناه: * (إلا من شاء الله) *، فلم يصعق: أي لم يمت، والمستثنون: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت، أو رضوان خازن الجنة، والحور، ومالك، والزبانية؛ أو المستثنى الله، أقوال آخرها للحسن، وما قبله للضحاك. وقيل: الاستثناء يرجع إلى من مات قبل الصعقة الأولى، أي يموت من في السماوات والأرض إلا من سبق موته، لأنهم كانوا قد ماتوا، وهذا نظير: * (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الاولى) * ثم نفخ فيه أخرى، واحتمل أخرى على أن تكون في موضع نصب، والقائم مقام الفاعل الجار والمجرور، كما أقيم في اوول، وأن يكون في موضع رفع مقاما مقام الفاعل، كما صرح به في قوله: * (فإذا نفخ فى الصور نفخة واحدة) *.
* (فإذا هم قيام ينظرون) *: أي أحياء قد أعيدت لهم الأبدان والأرواح، * (ينظرون) *: أي ينتظرون ما يؤمرون، أو ينتظرون ماذا يفعل بهم، أو يقلبون أبصارهم في الجهات نظر المبهوت إذا فاجأه خطب عظيم. والظاهر قيامهم الذي هو ضد القعود لأجل استيلاء الذهن عليهم. وقرأ زيد بن علي: قياما بالنصب على الحال، وخبر المبتدأ الظرف الذي هو إذا الفجائية، وهي حال لا بد منها، إذ هي محط الفائدة، إلا أن يقدر الخبر محذوفا، أي فإذا هم مبعوثون، أي موجودون قياما. وأن نصبت قياما على الحال، فالعامل فيها ذلك الخبر المحذوف. إن قلنا الخبر محذوف، وأن لا عامل، فالعامل هو العامل في الظرف، إن كان إذا ظرف مكان على ما يقتضيه كلام سيبويه، فتقديره: فبالحضرة هم قياما؛ وإن كان ظرف زمان، كما ذهب إليه الرياشي، فتقديره: ففي ذلك الزمان الذي نفخ فيه، هم أي وجودهم، واحتيج إلى تقدير هذا المضاف لأن ظرف الزمان لا يكون خبرا عن الجثة؛ وإن كانت إذا حرفا، كما زعم الكوفيون، فلا بد من تقدير الخبر، إلا أن اعتقد أن ينظرون هو الخبر، ويكون ينظرون عاملا في الحال.
وقرأ الجمهور: * (وأشرقت) * مبنيا للفاعل، أي أضاءت؛ وابن عباس، وعبيد بن عمير، وأبو الجوزاء: مبنيا للمفعول من شرقت بالضوء تشرق، إذا امتلأت به واغتصت وأشرقها الله، كما تقول: ملأ الأرض عدلا وطبقها عدلا، قاله الزمخشري. وقال ابن عطية: وهذا إنما يترتب على فعل يتعدى، فهذا على أن يقال: أشرق البيت وأشرقه السراج، فيكون الفعل مجاوزا وغير مجاوز، كرجع ورجعته ووقف ووقفته. والأرض في هذه الآية: الأرض المبدلة من الأرض المعروفة، ومعنى أشرقت: أضاءت وعظم نورها. انتهى. وقال صاحب اللوامح: وجب أن يكون الإشراق على هذه القراءة منقولا من شرقت الشمس إذا طلعت، فيصير متعديا بالفعل بمعنى: أذهبت ظلمة الأرض، ولا يجوز أن يكون من أشرقت إذا أضاءت، فإن ذلك لازم، وهذا قد تعدى إلى الأرض لما لم يذكر الفاعل، وأقيمت الأرض مقامه؛ وهذا على معنى ما ذهب إليه بعض المتأخرين من غير أن يتقدم في ذلك، لأن من الأفعال ما يكون متعديا لازما معا على مثال واحد. انتهى.
وفي الحديث الصحيح: (يحشر الناس على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي، ليس بها علم لأحد بنور ربها). قيل: يخلق الله