* (بمفازتهم) *: بفلاحهم، يقال: فاز بكذا إذا أفلح به وظفر بمراده، وتفسير المفازة قوله: * (لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون) *، كأنه قيل: وما مفازتهم؟ قيل: لا يمسهم السوء، أي ينجيهم بنفي السوء والحزن عنهم، أو بسبب منجاتهم من قوله تعالى: * (فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب) *، أي بمنجاة منه، لأن النجاة من أعظم الفلاح، وسبب منجاتهم العمل الصالح، ولهذا فسر ابن عباس رضي الله عنه المفازة: بالأعمال الحسنة؛ ويجوز بسبب فلاحهم، لأن العمل الصالح سبب الفلاح، وهو دخول الجنة. ويجوز أن يسمى العمل الصالح بنفسه مفازة، لأنه سببها. فإن قلت: * (لا يمسهم) *، ما محله من الإعراب على التفسيرين؟ قلت: أما على التفسير الأول فلا محل له، لأنه كلام مستأنف، وأما على الثاني فمحله النصب على الحال. انتهى. وقرأ الجمهور: بمفازتهم على الإفراد، والسلمي، والحسن، والأعرج، والأعمش، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر: على الجمع، من حيث النجاة أنواع، والأسباب مختلفة. قال أبو علي: المصادر تجمع إذا اختلفت أجناسها كقوله: * (وتظنون بالله الظنونا) *. وقال الفراء: كلا القراءتين صواب، تقول: قد تبين أمر الناس وأمور الناس. ولما ذكر تعالى الوعد والوعيد، عاد إلى دلائل الإلهية والتوحيد، فذكر أنه خالق كل شيء، فدل على أعمال العباد لاندراجها في عموم كل شيء، وأنه على كل الأشياء قائم لحفظها وتدبيرها.
* (له مقاليد * السماوات والارض) *: قال ابن عباس: مفاتيح، وهذه استعارة، كما تقول: بيد فلان مفتاح هذا الأمر. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم): (أن المقاليد لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، بيده الخير، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير). وتأويله على هذا: أن لله هذه الكلمات، يوحد بها ويمجد، وهي مفاتيح خير السماوات والأرض، من تكلم بها من المتقين أصاب. * (والذين كفروا بئايات الله) * وكلماته توحيده وتمجيده، * (أولائك هم الخاسرون) *. وقال الزمخشري: فإن قلت: بم اتصل قوله: * (والذين كفروا) *؟ قلت: بقوله: * (وينجى الله الذين اتقوا بمفازتهم * والذين كفروا * هم الخاسرون) * واعترض بينهما: بأن خالق الأشياء كلها، وهو مهيمن عليها، لا يخفى عليه شيء من أعمال المكلفين منها وما يستحقون عليها من الجزاء، وأن * (له مقاليد * السماوات والارض) *. قال أبو عبد الله الرازي: وهذا عندي ضعيف من وجهين: الأول: أن وقوع الفاصل الكثير بين المعطوف والمعطوف عليه بعيد. والثاني: أن قوله تعالى: * (وينجى الله الذين اتقوا) *: جملة فعلية، وقوله: * (والذين كفروا) *: جملة اسمية، وعطف الجملة الاسمية على الجملة الفعلية لا يجوز، والأقرب عندي أن يقال: إنه لما وصف بصفات الإلهية والجلالة، وهو كونه خالق الأشياء كلها، وكونه مالكا لمقاليد السماوات والأرض، وقال: الذين كفروا بهذه الآيات الظاهرة الباهرة هم الخاسرون. انتهى، وليس بفاصل كثير. وقوله: وعطف الجملة الاسمية على الجملة الفعلية لا يجوز، كلام من لم يتأمل لسان العرب، ولا نظر في أبواب الاشتغال. وأما قوله: والأقرب عندي فهو مأخوذ من قول الزمخشري، وقد جعل متصلا بما يليه، على أن كل شيء في السماوات والأرض فالله خالقه وفاتح بابه، والذين كفروا وجحدوا أن يكون الأمر كذلك * (أولائك هم الخاسرون) *.
* (قل أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون * ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين * بل الله فاعبد وكن من الشاكرين * وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة * والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون * ونفخ فى الصور فصعق من فى السماوات ومن فى الارض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون * وأشرقت الارض بنور ربها ووضع الكتاب وجىء بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون * ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون) * روي أنه قال للرسول عليه السلام: المشركون استلم بعض آلهتنا ونؤمن بإلهك، وغير منصوب بأعبد. قال