فاتبعوهم، بوصل الألف وشد التاء. * (* مشرفين) *: داخلين في وقت الشروق، من شرقت الشمس شروقا، إذا طلعت، كأصبح: دخل في وقت الصباح، وأمسى: دخل في وقت المساء. وقال أبو عبيدة: فاتبعوهم نحو الشرق، كأنجد: إذا قصد نحو نجد. والظاهر أن مشرقين حال من الفاعل. وقيل: مشرقين: أي في ضياء، وكان فرعون وقومه في ضباب وظلمة، تحيروا فيها حتى جاوز بنو إسرائيل البحر، فعلى هذا يكون مشرقين حالا من المفعول.
فلما تراءى الجمعان) *: أي رأى أحدهما الآخر، * (*) *: أي رأى أحدهما الآخر، * (الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون) *: أي ملحقون، قالوا ذلك حين رأوا العدو القوي وراءهم والبحر أمامهم، وساءت ظنونهم. وقرأ الأعمش: وابن وثاب: تراي الجمعان، بغير همز، على مذهب التخفيف بين بين، ولا يصح القلب لوقوع الهمزة بين ألفين، إحداهما ألف تفاعل الزائدة بعد الفاء، والثانية اللام المعتلة من الفعل. فلو خففت بالقلب لاجتمع ثلاث ألفات متسقة، وذلك مما لا يكون أبدا، قاله أبو الفضل الرازي. وقال ابن عطية: وقرأ حمزة: تريء، بكسر الراء ويمد ثم يهمز؛ وروى مثله عن عاصم، وروي عنه أيضا مفتوحا ممدودا، أو الجمهور يقرؤونه مثل تراعى، وهذا هو الصواب، لأنه تفاعل. وقال أبو حاتم: وقراءة حمزة هذا الحرف محال، وحمل عليه، قال: وما روي عن ابن وثاب والأعمش خطأ. انتهى. وقال الأستاذ أبو جعفر أحمد ابن الأستاذ أبي الحسن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري، هو ابن الباذش، في كتاب الإقناع من تأليفه: تراءى الجمعان في الشعراء إذا وقف عليها حمزة والكسائي، أما لا الألف المنقلبة عن لام الفعل، وحمزة يميل ألف تفاعل وصلا ووقفا لإمالة الألف المنقلبة؛ ففي قراءته إمالة الإمالة. وفي هذا الفعل، وفي راءى، إذا استقبله ألف وصل لمن أمال للإمالة، حذف السبب وإبقاء المسبب، كما قالوا: صعقى في النسب إلى الصعق. وقرأ الجمهور: لمدركون، بإسكان الدال؛ والأعرج، وعبيد بن عمير: بفتح الدال مشددة وكسر الراء، على وزن مفتعلون، وهو لازم، بمعنى الفناء والاضمحلال. يقال: منه ادرك الشيء بنفسه، إذا فني تتابعا، ولذلك كسرت الراء على هذه القراءة؛ نص على كسرها أبو الفضل الرازي في (كتاب اللوامح)، والزمخشري في (كشافه) وغيرهما. وقال أبو الفضل الرازي: وقد يكون ادرك على افتعل بمعنى أفعل متعديا، فلو كانت القراءة من ذلك، لوجب فتح الراء، ولم يبلغني ذلك عنهما، يعني عن الأعرج وعبيد بن عمير. قال الزمخشري: المعنى إنا لمتتابعون في الهلاك على أيديهم حتى لا يبقى منا أحد، ومنه بيت الحماسة:
* أبعد بني أمي الذين تتابعوا * أرجى الحياة أم من الموت أجزع * * (قال كلا إن معى ربى سيهدين) *: زجرهم وردعهم بحرف الردع وهو كلا، والمعنى: لن يدركوكم لأن الله وعدكم بالنصر والخلاص منهم، إن معي ربي سيهدين عن قريب إلى طريق النجاة ويعرفنيه. وقيل: سيكفيني أمرهم. ولما انتهى موسى إلى البحر، قال له مؤمن آل فرعون، وكان بين يدي موسى: أين أمرت، وهذا البحر أمامك وقد غشيك آل فرعون؟ قال: أمرت بالبحر، ولا يدري موسى ما يصنع. ورويت هذه المقالة عن يوشع، قالها لموسى عليه السلام، فأوحى الله إليه * (أن اضرب بعصاك البحر) *، فحاض يوشع الماء. وضرب موسى بعصاه، فصار فيه اثنا عشر طريقا، لكل سبط طريق. أراد تعالى أن يجعل هذه الآية متصلة بموسى ومتعلقة بفعل فعله، ولكنه بقدرة الله إذ ضرب البحر بالعصا لا يوجب انفلاق البحر بذاته، ولو شاء تعالى لفلقه دون ضربه بالعصا، وتقدم الخلاف في مكان هذا البحر.
* (فانفلق) *: ثم محذوف تقديره: فضرب فانفلق. وزعم ابن عصفور في مثل هذا التركيب أن المحذوف هو ضرب، وفاء انفلق. والفاء في انفلق هي فاء ضرب،