تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ٣٢٨
الأصل قاله المبرد والطبري، أو لأن الغرض الدلالة على الجنس، أو لأن معنى يخرجكم كل واحد كقولك الرجال يشبعهم رغيف أي يشبع كل واحد. وقال الزمخشري: الأشد كمال القوة والعقل والتمييز، وهو من ألفاظ الجموع التي لم يستعمل لها واحد كالأشدة والقيود وغير ذلك وكأنها مشدة في غير شيء واحد فبنيت لذلك على لفظ الجمع انتهى.
وتقدم الكلام في الأشد ومقداره من الزمان. وإن من الناس من قال إنه جمع شدة كأنعم جمع نعمة وأما القيود: فعن أبي عمرو الشيباني إن واحدة قيد * (ومنكم من يتوفى ) * وقرئ * (يتوفى) * بفتح الياء أي يستوفى أجله، والجمهور بالضم أي بعد الأشد وقبل الهرم، وهو * (أرذل العمر) * والخرف، فيصبر إلى حالة الطفولية ضعيف البنية سخيف العقل، ولا زمان لذلك محدود بل ذلك بحسب ما يقع في الناس وقد نرى من علت سنه وقارب المائة أو بلغها في غاية جودة الذهن والإدراك مع قوة ونشاط، ونرى من هو في سن الاكتهال وقد ضعفت بنيته أوضح تعالى أنه قادر على إنهائه إلى حالة الخرف كما أنه كان قادرا على تدريجه إلى حالة التمام، فكذلك هو قادر على إعادة الأجساد التي درجها في هذه المناقل وإنشائها النشأة الثانية.
و * (* ليكلا) * يتعلق بقوله، يرد) * قال الكلبي * (*) * قال الكلبي * (يسير لكيلا) * يعقل من بعد عقله الأول شيئا. وقيل * (لكيلا) * يستفيد علما وينسى ما علمه. وقال الزمخشري: أي ليصير نساء بحيث إذا كسب علما في شيء لم ينشب أن ينساه ويزل عنه علمه حتى يسأل عنه من ساعته، يقول لك من هذا؟ فتقول فلان فما يلبث لحظة إلا سألك عنه. وروى عن أبي عمرو ونافع تسكين ميم * (العمر) *.
* (وترى الارض هامدة) * هذا هو الدليل الثاني الذي تضمنته، والدليل الأول الآية، ولما كان الدليل الأول بعض مراتب الخلقة فيه غير مرتبين قال * (إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم) * فلم يحل في جميع رتبه على الرؤية، ولما كان هذا الدليل الثاني مشاهدا للأبصار أحال ذلك على الرؤية فقال * (وترى) * أيها السامع أو المجادل * (الارض هامدة) * ولظهوره تكرر هذا الدليل في القرآن و * (الماء) * ماء المطر والأنهار والعيون والسواني واهتزازها تخلخلها واضطراب بعض أجسامها لأجل خروج النبات * (وربت) * أي زادت وانتفخت. وقرأ أبو جعفر وعبد الله بن جعفر وخالد بن إلياس وأبو عمرو في رواية وربأت بالهمز هنا وفي فصلت أي ارتفعت وأشرفت، يقال: فلان يربأ بنفسه عن كذا: أي يرتفع بها عنه. قال ابن عطية: ووجهها أن يكون من ربأت القوم إذا علوت شرفا من الأرض طليعة فكان الأرض بالماء تتطاول وتعلو انتهى. ويقال ربىء وربيئة. وقال الشاعر:
* بعثنا ربيئا قبل ذلك مخملا * كذئب الغضا يمشي الضراء ويتقى * ذلك الذي ذكرنا من خلق بني آدم وتطورهم في تلك المراتب، ومن إحياء الأرض حاصل بهذا وهو حقيقته تعالى فه الثابت الموجود القادر على إحياء الموتى وعلى كل مقدور وقد وعد بالبعث وهو قادر عليه فلا بد من كيانه. وقوله * (وأن الساعة) * إلى آخره توكيد لقوله * (ذالك بأن الله) * والظاهر أن قوله * (وأن الساعة ءاتية) * ليس داخلا في سبب ما تقدم ذكره، فليس معطوفا على أنه الذي يليه، فيكون على تقدير. والأمر * (إن الساعة) * وذلك مبتدأ وبأن الخبر. وقيل ذلك منصوب بمضمر أي فعلنا ذلك.
* (ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير * ثانى عطفه ليضل عن سبيل الله له فى الدنيا خزى ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق * ذالك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد * ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر) *. (سقط: خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين، يدعو من دون الله ما لا يضر ولا ينفع ذلك هو الضلال البعيد، يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير، إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد، من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله)
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»