تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ٣٣٣
* (فليمدد) * بحبل * (إلى السماء) * المظلة وليصعد عليه فليقطع الوحي أن ينزل عليه وهذا قول ابن زيد. وقيل: الضمير في * (ينصره) * عائد على الدين والإسلام. قال ابن عطية: وأبين وجوه هذه الآية أن يكون مثلا ويكون النصر المعروف والقطع الاختناق والسماء الارتفاع في الهواء سقف أو شجرة أو نحوه فتأمله، وما في * (ما يغيظ) * بمعنى الذي، والعائد محذوف أو مصدرية. وكذلك أي ومثل ذلك الإنزال * (أنزلنا) * القرآن كله * (بينات فاسأل) * أي لا تفاوت في إنزال بعضه ولا إنزال كله والهاء في * (أنزلناه) * للقرآن أضمر للدلالة عليه كقوله * (حتى توارت بالحجاب) * والتقدير والأمر * (إن الله * يهدى من يريد) * أي يخلق الهداية في قلبك يريد هدايته لا خالق للهداية إلا هو.
* (إن الذين ءامنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على) *.
لما ذكر قيل أن الله يهدي من يريد) * عقب ببيان من يهديه ومن لا يهديه، لأن ما قبله يقتضي أن من لا يريد هدايته لا يهديه يدل إثبات الهداية لمن يريد على نفيها عمن لا يريد، والذين أشركوا هم عبدة الأوثان والأصنام، ومن عبد غير الله. قال الزمخشري: ودخلت * (*) * عقب ببيان من يهديه ومن لا يهديه، لأن ما قبله يقتضي أن من لا يريد هدايته لا يهديه يدل إثبات الهداية لمن يريد على نفيها عمن لا يريد، والذين أشركوا هم عبدة الأوثان والأصنام، ومن عبد غير الله. قال الزمخشري: ودخلت * (ءان) * على كل واحد جزأي الجملة لزيادة التأكيد، ونحوه قول جرير:
* إن الخليفة إن الله سربله * سربال ملك به ترجى الخواتيم * وظاهر هذا أنه شبه البيت بالآية، وكذلك قرنه الزجاج بالآية ولا يتعين أن يكون البيت كالآية لأن البيت يحتمل أن يكون خبر إن الخليفة قوله: به ترجى الخواتيم، ويكون إن الله سربله سربال ملك جملة اعتراضية بين اسم إن وخبرها بخلاف الآية فإنه يتعين قوله * (إن الله يفصل) * وحسن دخول * (ءان) * على الجملة الواقعة خبرا طول الفصل بينهما بالمعاطيف، والظاهر أن الفصل بينهم يوم القيامة هو بصيرورة المؤمنين إلى الجنة والكافرين إلى النار، وناسب الختم بقوله * (شهيدا) * الفصل بين الفرق.
وقال الزمخشري: الفصل مطلق يحتمل الفصل بينهم في الأحوال والأماكن جميعا فلا يجازيهم جزاء واحدا بغير تفاوت، ولا يجمعهم في موطن واحد. وقيل * (يفصل بينهم) * يقضي بين المؤمنين والكافرين، والظاهر أن السجود هنا عبارة عن طواعية ما ذكر تعالى والانقياد لما يريده تعالى، وهذا معنى شمل من يعقل وما لا يعقل، ومن * (يسجد) * سجود التكليف ومن لا يسجده، وعطف على ما من عبد من دون الله ففي * (السماوات) * الملائكة كانت تعبدها و * (الشمس) * عبدتها حمير. وعبد * (القمر) * كنانة قاله ابن عباس. والدبران تميم. والشعرى لخم وقريش. والثريا طيىء وعطاردا أسد. والمرزم ربيعة. و * (فى الارض) * من عبد من البشر والأصنام المنحوتة من * (الجبال * والشجر) * والبقر وما عبد من الحيوان. وقرأ الزهري * (والدواب) * بتخفيف الباء. قال أبو الفضل الرازي ولا وجه لذلك إلا أن يكون فرارا من التضعيف مثل ظلت وقرن ولا تعارض بين قوله * (ومن فى الارض) * لعمومه وبين قوله * (وكثير من الناس) * لخصوصه لأنه لا يتعين عطف * (وكثير) * على ما قبله من المفردات المعطوفة الداخلة تحت يسجد إذ يجوز إضمار * (يسجد له) * كثير من الناس سجود عبادة دل عليه المعنى لا أنه يفسره * (يسجد) *
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»