فيها أن يشرك أخاه هارون فذكر الله أنه آتاه سؤله وكان منه إشراك أخيه، فأمره هنا وأخاه بالذهاب و * (أخوك) * معطوف على الضمير المستكن في * (اذهب أنت * وربك) * في سورة المائدة وقول بعض النحاة، أن * (وربك) * مرفوع على إضمار فعل، أي وليذهب ربك وذلك البحث جار هنا. وروي أن الله أوحى إلى هارون وهو بمصر أن يتلقى موسى. وقيل: سمع بمقدمه. وقيل: ألهم ذلك وظاهر * (بآياتي) * الجمع. فقيل: هي العصا، واليد، وعقدة لسانه. وقيل: اليد، والعصا. وقد يطلق الجمع على المثنى وهما اللتان تقدم ذكرهما ولذلك لما قال: فائت بآية ألقى العصا ونزع اليد، وقال: فذانك برهانان. وقيل العصا مشتملة على آيات انقلابها حيوانا، ثم في أول الأمر كانت صغيرة ثم عظمت حتى صارت ثعبانا، ثم إدخال موسى يده في فمها فلا تضره. وقيل: ما أعطي من معجزة ووحي.
* (ولا) * أي لا تضعفا ولا تقصرا. وقيل: تنسياني ولا أزال منكما على ذكر حيثما تقلبتما، ويجوز أن يراد بالذكر تبليغ الرسالة فإن الذكر يقع على سائر العبادات، وتبليغ الرسالة من أجلها وأعظمها، فكان جديرا أن يطلق عليه اسم الذكر. وقرأ ابن وثاب: ولا تنيا بكسر التاء اتباعا لحركة النون. وفي مصحف عبد الله ولا تهنا أي ولا تلنا من قولهم هين لين، ولما حذف من يذهب إليه في الأمر قبله نص عليه في هذا الأمر الثاني. فقيل: * (ذكرى اذهبا إلى فرعون) * أي بالرسالة وأبعد من ذهب إلى أنهما أمرا بالذهاب أولا إلى الناس وثانيا إلى فرعون، فكرر الأمر بالذهاب لاختلاف المتعلق، ونبه على سبب الذهاب إليه بالرسالة من عنده بقوله * (إنه طغى) * أي تجاوز الحد في الفساد ودعواه الربوبية والإلاهية من دون الله. والقول اللين هو مثل ما في النازعات * (هل لك إلى أن تزكى * وأهديك إلى ربك فتخشى) * وهذا من ليف الكلام إذ أبرز ذلك في صورة الاستفهام والمشورة والعرض لما فيه من الفوز العظيم. وقيل: عداه شبابا لا يهرم بعده وملكا لا ينزع منه إلا بالموت وأن يبقى له لذة المطعم والمشرب والمنكح إلى حين موته. وقيل: لا تجبهاه بما يكره وألطفا له في القول لما له من حق تربية موسى. وقيل: كنياه وهو ذو الكنى الأربع أبو مرة، وأبو مصعب، وأبو الوليد، وأبو العباس. وقيل: القول اللين لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له، ولينها خفتها على اللسان. وقال الحسن: هو قولهما إن لك ربا وإن لك معادا وإن بين يديك جنة ونارا فآمن بالله يدخلك الجنة يقك عذاب النار. وقيل: أمرهما تعالى أن يقدما المواعيد على الوعيد كما قال الشاعر:
* أقدم بالوعد قبل الوعيد * لينهى القبائل جهالها * وقيل: حين عرض عليه موسى وهارون عليهما السلام ما عرضا شاور آسية فقالت: ما ينبغي لأحد أن يرد هذا فشاور هامان وكان لا يبت أمرا دون رأيه، فقال له: كنت أعتقد أنك ذو عقل تكون مالكا فتصير مملوكا وربا فتصير مربوبا فامتنع من قبول ما عرض عليه موسى، والترجي بالنسبة لهما إذ هو مستحيل وقوعه من الله تعالى أي اذهبا على رجائكما وطمعكما وباشرا الأمر مباشرة من يرجو ويطمع أن يثمر عمله ولا يخيب سعيه، وفائدة إرسالهما مع علمه تعالى أنه لا يؤمن إقامة الحجة عليه وإزالة المعذرة كما قال تعالى: * (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله) * الآية.
وقيل: القول اللين ما حكاه الله هنا وهو * (فأتياه فقولا إنا رسولا ربك * إلى * قوله * والسلام على من اتبع الهدى) * وقال أبو معاذ: * (قولا لينا) * وقال الفراء لعل هنا بمعنى كي أي كي يتذكر أو يخشى كما تقول: اعمل لعلك تأخذ أجرك، أي كي تأخذ أجرك. وقيل: لعل هنا استفهام أي هل يتذكر أو يخشى، والصحيح أنها على بابها من الترجي وذلك بالنسبة إلى البشر وفي قوله * (لعله يتذكر أو يخشى) * دلالة على أنه لم يكن شاكا في الله. وقيل: