وقيل: الطحلبة. وقيل: الكمأة. وقيل: كل شجر لا يطيب له ثمر. وعن ابن عباس: هي الكافر، وعنه أيضا: شجرة لم تخلق على الأرض. وقال ابن عطية: والظاهر عندي أن التشبيه وقع بشجرة غير معينة، إذا وجدت منها هذه الأوصاف هو أن يكون كالعضاة أو شجرة السموم ونحوها إذا اجتثت أي: اقتلعت جثها بنزع الأصول وبقيت في غاية الوهي والضعف، فتقلبها أقل ريح. فالكافر يرى أن بيده شيئا وهو لا يستقر ولا يغني عنه كهذه الشجرة التي يظن بها على بعد الجاهل أنها شيء نافع، وهي خبيثة الجني غير نافعة انتهى. واجتثت من فوق الأرض مقابل لقوله: أصلها ثابت أي: لم يتمكن لها أصل ولا عرق في الأرض، وإنما هي نابتة على وجه الأرض. ما لها من قرار أي: استقرار. يقال: أقر الشيء قرارا ثبت ثباتا، شبه بهذه الشجرة القول الذي لم يعضد بحجة، فهو لا يثبت بل يضمحل عن قريب لبطلانه، والقول الثابت هو الذي ثبت بالحجة والبرهان في قلب صاحبه وتمكن فيه، واطمأنت إليه نفسه. وتثبيتهم به في الدنيا كونهم لو فتنوا عن دينهم في الدنيا لثبتوا عليه وما زلوا، كما جرى لأصحاب الأخدود، والذين نشروا بالمناشير، وكشطت لحومهم بأمشاط الحديد، كما ثبت جرجيس وشمعون وبلال حتى كان يعذب بالرمضاء وهو يقول: أحد أحد. وتثبيتهم في الآخرة كونهم إذا سئلوا عند توافق الإشهاد عن معتقدهم ولم يتلعثوا، ولم يبهتوا، ولم تحيرهم أهوال الحشر. والذين آمنوا عام من لدن آدم إلى يوم القيامة. وقال طاووس وقتادة وجمهور من العلماء: أن تثبيتهم في الدنيا هو مدة حياة الإنسان، وفي الآخرة هو وقت سؤاله في قبره، ورجح هذا القول الطبري. وقال البراء بن عازب وجماعة: في الحياة الدنيا هي وقت سؤاله في قبره، ورواه البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم)، وفي الآخرة هو يوم القيامة عند العرض. وقيل: معنى تثبيته في الحياة الدنيا وفي الآخرة هو حياته على الإيمان، وحشره عليه. وقيل: التثبيت في الدنيا الفتح والنصر، وفي الآخرة الجنة والثواب. وما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم) في حديث البراء من تلاوته عند إيعاد المؤمن في قبره، وسئل وشهد شهادة الإخلاص قوله تعالى: يثبت الله الذين آمنوا الآية، لا يظهر منه يعني: أن الحياة الدنيا هي حياة الإنسان، وأن الآخرة في القبر، ولا أن الحياة الدنيا هي في القبر، وأن الآخرة هي يوم القيامة، بل اللفظ محتمل. ومعنى يثبت: يديمهم عليه، ويمنعهم من الزلل. ومنه قول عبد الله بن رواحة:
* فثبت الله ما آتاك من حسن * تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا * والظاهر أن بالقول الثابت متعلق بقوله: يثبت. وقيل: يتعلق بآمنوا. وسؤال العبد في قبره معتقد أهل السنة. ويضل الله الظالمين أي: الكافرين لمقابلتهم بالمؤمنين، وإضلالهم في الدنيا كونهم لا يثبتون في مواقف الفتن، وتزل أقدامهم وهي الحيرة التي تلحقهم، إذ ليسوا متمسكين بحجة. وفي الآخرة هو اضطرابهم في جوابهم. ولما تقدم تشبيه الكلمة الطيبة على تشبيه الكلمة الخبيثة، تقدم في هذا الكلام من نسبت إليه الكلمة الطيبة وتلاه من نسبت إليه الكلامة الخبيثة ولما ذكر تعالى ما فعل بكل واحد من القسمين ذكر أنه لا يمكن اعتراض فيما خص به كل واحد منهما، إذ ذاك راجع إلى مشيئته تعالى، إن الله يفعل ما يشاء، لا يسئل عما يفعل. وقال الزمخشري: ويفعل الله ما يشاء أي: توجيه الحكمة، لأن مشيئة الله تابعة للحكمة من تثبيت المؤمنين وتأييدهم وعصمتهم عند ثباتهم وعزمهم، ومن إضلال الظالمين وخذلانهم والتخلية