العام ولا نفخ في ذلك انتهى. وقال الزمخشري ولا يرجع بعض الضمير إلى الهيئة المضاف إليها لأنها ليست من خلقه ولا نفخه في شيء وكذلك الضمير في يكون انتهى. والذي ينبغي أن يحمل عليه كلام مكي أنه لا يريد به ما فهم عنه بل يكون قوله عائدا على الطائر لا يريد به الطائر المضاف إليه الهيئة بل الطائر الذي صوره عيسى ويكون التقدير وإذ يخلق من الطين طائرا صورة مثل صورة الطائر الحقيقي فينفخ فيه فيكون طائرا حقيقة بإذن الله. ويكون قوله عائدا على الهيئة لا يريد به الهيئة المضافة إلى الطائر، بل الهيئة التي تكون الكاف صفة لها ويكون التقدير، وإذ تخلق من الطين هيئة مثل هيئة الطير، فتنفخ فيها أي في الهيئة الموصوفة بالكاف المنسوب خلقها إلى عيسى، وأما قول مكي ويصح عكس هذا، وهو أن يكون الضمير المذكر عائدا على الهيئة والضمير المؤنث عائدا على الطائر فيمكن تخريجه على أنه ذكر الضمير وإن كان عائدا على مؤنث لأنه لحظ فيها معنى الشكل كأنه قدر هيئة كهيئة الطير بقوله شكلا كهيئة الطير وأنه أنث الضمير وإن كان عائدا على مذكر لأنه لحظ فيه معنى الهيئة. قال ابن عطية والوجه عود ضمير المؤنث على ما تقتضيه الآية ضرورة، أي صورا أو أشكالا أو أجساما، وعود الضمير المذكر على المخلوق الذي يقتضيه تخلق ثم قال ولك أن تعيده على ما تدل عليه الكاف في معنى المثل، لأن المعنى وإذ تخلق من الطين مثل هيئة ولك أن تعيد الضمير على الكاف نفسه فيكون اسما في غير الشعر، فهو قول أبي الحسن وحده من البصريين وكذا قال الزمخشري، إن الضمير في فيها للكاف قال لأنها صفة الهيئة التي كان يخلقها عيسى وينفخ فيها وجاء في آل عمران * (بإذن الله) * مرتين وجاء هنا * (بإذنى) * أربع مرات عقيب أربع جمل لأن هذا موضع ذكر النعمة والامتنان بها فناسب الإسهاب وهناك موضع إخبار لبني إسرائيل فناسب الإيجاز والتقدير في وإذ تخرج الموتى تحيي الموتى فعبر بالإخراج عن الأحياء كقوله تعالى * (كذالك الخروج) * بعد قوله * (وأحيينا به بلدة ميتا) * أو يكون التقدير وإذ تخرج الموتى من قبورهم أحياء.
* (وإذ كففت بنى إسراءيل عنك إذ جئتهم بالبينات) * أي منعتهم من قتلك حين هموا بك وأحاطوا بالبيت الذي أنت فيه. وقال عبيد بن عمير لما قال الله لعيسى * (اذكر نعمتى عليك) * كان يلبس الشعر ويأكل الشجر ولا يؤخر شيئا لغدو يقول مع كل يوم رزقه لم يكن له بيت فيخرب ولا ولد فيموت، أين ما أمسى بات. وهذا القول يظهر منه أن عيسى خوطب بذلك قبل الرفع والبينات هنا هي المعجزات التي تقدم ذكرها وظهرت على يديه ولما فصل تعالى نعمته ذكر ذلك منسوبا لعيسى دون أمه لأن من هذه النعم نعمة النبوة وظهور هذه الخوارق فنعمته عليه أعظم منها على أمه إذ ولدت مثل هذا النبي الكريم. وقال الشاعر فيما يشبه هذا:
* شهد العوالم أنها لنفيسة * بدليل ما ولدت من النجباء * * (فقال الذين كفروا منهم إن هاذا إلا سحر مبين) * قرأ حمزة والكسائي ساحر بالألف هنا. وفي هود والصف فهذا هنا إشارة إلى عيسى. وقرأ باقي السبعة سحر فهذا إشارة إلى ما جا 0 ء به عيسى من البينات.
* (وإذا * وإذ أوحيت إلى الحواريين أن ءامنوا بى) * أي أوحيت إليهم على ألسنة الرسل. وقال ابن عطية إما أن يكون وحي إلهام أو وحي أمر والرسول هنا هو عيسى وهذا الإيحاء إلى الخواريين هو من نعم الله على عيسى بأن جعل له أتباعا يصدقونه ويعملون بما جاء به ويحتمل أن تكون تفسيرية لأنه تقدمها جملة في معنى القول وأن تكون مصدرية.
* (قالوا ءامنا واشهد بأننا مسلمون) * تقدم تفسير