قليلا) * فانتصاب قليلا عنده على أنه مفعول ثالث وجواز حذف هذا المنصوب اقتصارا يبطل هذا المذهب. تقول رأيت زيدا في النوم وأراني الله زيدا في النوم.
* (وإذا * يريكموهم إذ التقيتم فى أعينكم قليلا ويقللكم فى أعينهم ليقضى الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الامور) *. هذه الرؤية هي يقظة لا منام وقلل الكفار في أعين المؤمنين تحقيرا لهم ولئلا يجبنوا عن لقائهم. قال ابن مسعود: لقد قللوا في أعيننا حتى قلت لرجل: إلى جنبي أتراهم سبعين، قال: أراهم مائة وهذا من عبد الله لكونه لم يسمع ما أعلم به الرسول صلى الله عليه وسلم) من عددهم وقلل المؤمنون في أعين الكفار حتى قال قائل منهم: إنما هم أكلة جزور وذلك قبل الالتقاء وذلك ليجترئوا على المؤمنين فتقع الحرب ويلتحم القتال، إذ لو كثروا قبل اللقاء لا حجموا وتحيلوا في الخلاص أو استعدوا واستنصروا ولما التحم القتال كثر الله المؤمنين في أعين الكفار فبهتوا وهابوا وفلت شوكتهم ورأوا ما لم يكن في حسابهم كما قال يرونهم مثليهم رأي العين وعظم الاحتجاج عليهم استيضاح الآية البينة من قلتهم أولا وكثرتهم رخرا ورؤية كل من الطائفتين يكون بأن ستر الله بعضها عن بعض أو بأن أحدث في أعينهم ما يستقلون به الكثير هذا إذا كانت الرؤية حقيقة وأما إذا كانت بمعنى التخمين والحذر الذي يستعمله الناس فيمكن ذلك، وعلى التقديرين لا يندرج الرسول في خطاب وإذ يريكموهم لأنه لا يجوز على أن يرى الكثير قليلا لا حقيقة ولا تخمينا على أنه يحتمل أن يكون من باب تقليل القدر والمهابة والنجدة لا من باب تقليل العدد ألا ترى قولهم المرء كثيرا بأخيه وإلى قول الشاعر:
* أروح وأغتدي سفها * أكثر من أقل به * فهذا من باب التقليل والتكثير في المنزلة والقدر، لا من باب تقليل العدد ليقضي أي فعل ذلك ليقضي والمفعول في الآيتين هو القصة بأسرها، وقيل هما المعنيين من معاني القصة أريد بالأول الوعد بالنصرة يوم بدر وبالثاني الاستمرار عليها وتقدم تفسير وإلى الله ترجع الأمور واختلاف القراء في ترجع في سورة البقرة.
* (الامور ياأيها الذين ءامنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) * أي فئة كافرة حذف الوصف لأن المؤمنين ما كانوا يلقون إلا الكفار واللقاء اسم للقتال غالب وأمرهم تعالى بالثبات وهو مقيد بآية الضعف وفي الحديث: (لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية فإذا ليقتموهم فاثبتوا). وأمرهم بذكره تعالى كثيرا في هذا الموطن العظيم من مصابرة العدو والتلاحم بالرماح وبالسيوف وهي حالة يقع فيها الذهول عن كل شيء فأمروا بذكر الله إذ هو تعالى الذي يفزع إليه عند الشدائد ويستأنس بذكره ويستنصر بدعائه ومن كان كثير التعلق بالله ذكره في كل موطن حتى في المواضع التي يذهل فيها عن كل شيء ويغيب فيها الحس * (إلا * الله تطمئن القلوب) *. وحكى لي بعض الشجعان أنه حالة التحام القتال تأخذ الشجاع هزة وتعتريه مثل السكر لهول الملتقى فأمر المؤمنين بذكرالله في هذه الحالة العظيمة وقد نظم الشعراء هذا المعنى فذكروا أنهم في أشق الأوقات عليهم وأشدها لم ينسوا محبوبهم وأكثروا في ذلك فقال بعضهم:
* ذكرت سليمى وحر الوغى * كقلبي ساعة فارقتها * * وأبصرت بين القنا قدها * وقد ملن نحوي فعانقتها *