تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٤٨٧
نزلت في المطعمين يوم بدر وكانوا اثنى عشر رجلا أبو جهل بن هشام وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ونبيه ومنبه ابنا حجاج وأبو البحتري بن هشام والنضر بن الحرث وحكيم بن حرام وأبي بن خلف وزمعة بن الأسود والحارث بن عامر بن نوفل والعباس بن عبد المطلب، وكلهم من قريش وكان يطعم كل واحد منهم كل يوم عشر جزائر، وقال مجاهد والسدي وابن جبير وابن ابزي: نزلت في أبي سفيان بن حرب استأجر يوم أحد ألفين من الأحابيش يقاتل بهم النبي صلى الله عليه وسلم) سوى من استجاش من العرب، وفيهم يقول كعب بن مالك:
* فجئنا إلى موج من البحر وسطه * أحابيش منهم حاسر ومقنع ثلاثة آلاف ونحن بقية ثلاث مئين إن كثرنا وأربع * وقال الحكم بن عيينة: أنفق على الأحابيش وغيرهم أربعين أوقية من ذهب، وقال الضحاك وغيره: نزلت في نفقة المشركين الخارجين إلى بدر كانوا ينحرون يوما عشرا من الإبل ويوما تسعا وهذا نحو من القول الأول، وقال ابن إسحاق عن رجاله لما رجع فل قريش إلى مكة من بدر ورجع أبو سفيان بعيره كلم أبناء من أصيب ببدر وغيرهم أبا سفيان وتجار العير في الإعانة بالمال الذي سلم لعلنا ندرك ثارا لمن أصيب ففعلوا فنزلت، وروي نحوه عن ابن شهاب ومحمد بن يحيى بن حيان وعاصم بن عمرو بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما ذكر من شرح أحوالهم في الطاعات البدنية وهي صلاتهم شرح حالهم في الطاعات المالية وهي إنفاقهم أموالهم للصد عن سبيل الله، والظاهر الإخبار عن الكفار بأن إنفاقهم ليس في سبيل الله بل سببه الصد عن سبيل الله فيندرج هؤلاء الذين ذكروا في هذا العموم وقد يكون اللفظ عاما والسبب خاصا والمعنى أن الكفار يقصدون بنفقتهم الصد عن سبيل الله وغلبة المؤمنين فلا يقع إلا عكس ما قصدوا وهو تندمهم وتحسرهم على ذهاب أموالهم ثم غلبتهم والتمكن منهم أسرا وقتلا وغنما والعطف بثم يقوي أن الحسرة في الدنيا، وقيل الحسرة في الآخرة، وفي الآخرة فسينفقونها إلى آخره من الإخبار بالغيوب لأنه أخبر بما يكون قبل كونه ثم كان أخبروا الإخبار بين الاستقبال يدل على إنفاق متأخر عن وقعة أحد وبدر وأن ذلك إخبار عن علو الإسلام وغلبة أهله، وكذا وقع فتحوا البلاد ودوخوا العباد وملأ الإسلام معظم أقطار الأرض واتسعت هذه الملة اتساعا لم يكن لشيء من الملل السابقة.
* (والذين كفروا إلى جهنم يحشرون * ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله فى جهنم أولئك هم الخاسرون) * هذا إخبار بما يؤول إليه حال الكفار
(٤٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 ... » »»