تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٤٩٣
ثم يقسم ما بقي على خمسه، وقيل سهم الله لبيت المال، وقال ابن عباس والحسن والنخعي وقتادة والشافعي قوله فإن لله خمسه استفتاح كلام كما يقول الرجل لعبده: أعتقك الله وأعتقتك على جهة التبرك وتفخيم الأمر والدنيا، كلها لله وقسم الله وقسم الرسول واحد وكان الرسول صلى الله عليه وسلم) يقسم الخمس على خمسة أقسام، وهذا القول هو الذي أورده الزمخشري احتمالا، فقال: يحتمل أن يكون معنى لله وللرسول كقوله تعالى والله ورسوله أحق أن يرضوه وأن يراد بقوله فإن لله خمسه أي من حق الخمس أن يكون متقربا به إليه لا غير ثم خص من وجوه القرب هذه الخمسة تفضيلا لها على غيرها كقوله تعالى وجبريل وميكال والظاهر أن للرسول عليه الصلاة والسلام سهما من الخمس. وقال ابن عباس فيما روى الطبري: ليس لله ولا للرسول شيء وسهمه لقرابته يقسم الخمس على أربعة أقسام، وقالت فرقة: هو مردود على الأربعة الأخماس، وقال علي يلي الإمام سهم الله ورسوله والظاهر أنه ليس له عليه السلام غير سهم واحد من الغنيمة، وقال ابن عطية: كان مخصوصا عليه السلام من الغنيمة بثلاثة أشياء، كان له خمس الخمس، وكان له سهم رجل في سائر الأربعة الأخماس، وكان له صفي يأخذه قبل قسم الغنيمة دابة أو سيفا أو جارية ولا صفي بعده لا حد بالإجماع إلا ما قاله أبو ثور من أن الصفي إلى الإمام، وهو قول معدود في شواذ الأقوال انتهى، وقالت فرقة: لم يورث الرسول صلى الله عليه وسلم) فسقط سهمه، وقيل سهمه موقوف على قرابته وقد بعثه إليهم عمر بن عبد العزيز، وقالت فرقة: هو لقرابة القائم بالأمر بعده، وقال الحسن وقتادة: كان للرسول صلى الله عليه وسلم) في حياته فلما توفي جعل لولي الأمر من بعده انتهى، وذوو القربى معناه قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم) والظاهر عموم قرباه، فقالت فرقة: قريش كلها بأسرها ذوو قربى، وقال أبو حنيفة والشافعي: هم بنو هاشم وبنو المطلب استحقوه بالنصرة والمظاهرة دون بني عبد شمس وبني نوفل، وقال علي بن الحسين وعبد الله بن الحسن وابن عباس: هم بنو هاشم فقط، قال مجاهد: كان آل محمد لا تحل لهم الصدقة فجعل له خمس الخمس، قال ابن عباس: ولكن أبى ذلك علينا قومنا وقالوا قريش كلها قربى والظاهر بقاء هذا السهم لذوي القربى وأنه لغنيهم وفقيرهم، وقال ابن عباس كان على ستة لله وللرسول سهمان وسهم لأقاربه حتى قبض فأجرى أبو بكر الخمس على ثلاثة، ولذلك روي عن عمرو من بعده من الخلفاء، وروي أن أبا بكر منع بني هاشم الخمس وقال إنما لكم أن يعطى فقيركم ويزوج أيمكم ويخدم من لا خادم له منكم وإنما الغني منكم فهو بمنزلة ابن السبيل الغني لا يعطى من الصدقة شيئا ولا يتيم موسر، وعن زيد بن علي: ليس لنا أن نبني منه قصورا ولا أن نركب منه البراذين، وقال قوم: سهم ذوي القربى لقرابة الخليفة والظاهر أن اليتامى والمساكين وابن السبيل عام في يتامى المسلمين ومساكينهم وابن السبيل منهم، وقيل: الخمس كله للقرابة، وقيل: لعلي إن الله تعالى قال: واليتامى والمساكين فقال: أيتامنا ومساكيننا، وروي عن علي بن الحسين وعبد الله بن محمد بن علي أنهما قالا: الآية كلها في قريش ومساكينها وظاهر العطف يقتضي التشريك فلا يحرم أحد قاله الشافعي، قال: وللإمام أن يفضل أهل الحاجة لكن لا يحرم صنفا منهم، وقال مالك: للإمام أن يعطي الأحوج ويحرم غيره من الأصناف، ولم تتعرض الآية لمن يصرف أربعة الأخماس والظاهر أنه لا يقسم لمن لم يغنم فلو لحق مدد للغانمين قبل حوز الغنيمة لدار الإسلام فعند أبي حنيفة هم شركاؤهم فيها، وقال مالك والثوري والأوزاعي والليث والشافعي، لا يشاركونهم والظاهر أن من غنم شيئا خمس ما غنم إذا كان وحده ولم يأذن الإمام، وبه قال الثوري والشافعي، وقال أصحاب أبي حنيفة: هو له خاصة ولا يخمس وعن بعضهم فيه تفصيل، وقال الأوزاعي إن شاء الإمام عاقبه وحرمه وإن شاء خمس والباقي له، والظاهر أن قوله غنمتم خطاب للمؤمنين فلا يسهم لكافر حضر بإذن الإمام وقاتل ويندرج في الخطاب العبيد المسلمون فما يخصهم لساداتهم، وقال الثوري
(٤٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 ... » »»