تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٤٩٧
الزمخشري: ليقضي الله متعلق بمحذوف أي ليقضي الله أمرا كان واجبا أن يفعل وهو نصر أوليائه وقهر أعدائه دبر ذلك، وقيل كان بمعنى صار ليهلك بدل من ليقضي فيتعلق بمثل ما تعلق به ليقضي، وقيل يتعلق بقوله مفعولا، وقيل الأصل وليهلك فحذف حرف العطف والظاهر أن المعنى ليقتل من قتل من كفار قريش وغيرهم عن بيان من الله وإعذار بالرسالة ويعيش من عاش عن بيان منه وأعذار لا حجة لأحد عليه، وقال ابن إسحاق وغيره: ليكفر ويؤمن فالمعنى أن الله تعالى جعل قصة بدر عبرة وآية ليؤمن من آمن عن وضوح وبيان ويكفر من كفر عن مثل ذلك، وقرأ الأعمش وعصمة عن أبي بكر عن عاصم: ليهلك بفتح اللام، وقرأ نافع والبزي وأبو بكر من حيي بالفك وباقي السبعة بالإدغام وقال المتلمس:
فهذا أوان العرض حي ذبابه والفك والإدغام لغتان مشهورتان وختم بهاتين الصفتين لأن الكفر والإيمان يستلزمان النطق اللساني والاعتقاد الجناني فهو سميع لأقوالكم عليم بنياتكم.
* (إذ يريكهم الله فى منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم فى الامر ولاكن الله سلم إنه عليم بذات) * الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم) وتظاهرت الروايات أنها رؤيا منام رأى الرسول صلى الله عليه وسلم) فيها الكفار قليلا فأخبر بها أصحابه فقويت نفوسهم وشجعت على أعدائهم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم) لأصحابه حين انتبه: (أبشروا لقد نظرت إلى مصارع القوم) والمراد بالقلة هنا قلة القدر واليأس والنجدة وأنهم مهزومون مصروعون ولا يحمل على قلة العدد لأنه صلى الله عليه وسلم) رؤياه حق وقد كان علم أنهم ما بين تسعمائة إلى ألف فلا يمكن حمل ذلك على قلة العدد وروي عن الحسن أن معنى في منامك في عينك لأنها مكان النوم كما قيل للقطيفة المنامة لأنه ينام فيها فتكون الرؤية في اليقظة وعلى هذا فسر النقاش وذكره عن المازني وما روي عن الحسن ضعيف، قال الزمخشري وهذا تفسير فيه تعسف وما أحسب الرواية فيه صحيحة عن الحسن وما يلائم علمه بكلام العرب وفصاحته والمعنى: ولو أراكهم في منامك كثيرا لفشلتم أي لخرتم وجبنتم عن اللقاء ولتنازعتم في الأمر أي تفرقت آراؤكم في أمر القتال فكان يكون ذلك سببا لانهزامكم وعدم إقدامكم على قتال أعدائكم لأنه لو رآهم كثيرا أخبركم برؤياه ففشلتم ولما كان الرسول عليه السلام محميا من الفشل معصوما من النقائص أسند الفشل إلى من يمكن ذلك في حقه فقال تعالى لفشلتم وهذا من محاسن القرآن ولكن الله سلم من الفشل والتنازع والاختلاف بإرايته له صلى الله عليه وسلم) الكفار قليلا فأخبرهم بذلك فقويت به نفوسهم إنه عليم بذات الصدور يعلم ما سيكون فيها من الجرأة والجبن والصبر والجزع وإذ بدل من إذ وانتصب قليلا. قال الزمخشري على الحال وما قاله ظاهر لأن أرى منقولة بالهمزة من رأى البصرية فتعدت إلى اثنين الأول كاف خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم)، والثاني ضمير الكفار فقليلا وكثيرا منصوبان على الحال وزعم بعض النحويين أن أرى الحلمية تتعدى إلى ثلاثة كأعلم وجعل من ذلك قوله تعالى: * (إذ * يريكم * الله فى منامك
(٤٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 502 ... » »»