أقل ولا أحقر ولا أصفر في يوم عرفة لما يرى من نزول الرحمة إلا ما رأى يوم بدر قيل: وما رأى يا رسول الله قال: رأى الملائكة يريحها جبريل، وقال الحسن: رأى إبليس جبريل يقود فرسه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم) وهو معتجر ببردة وفي يده اللجام ولكم ليس متعلقا بقوله: لا غالب لأنه كان يلزم تنوينه لأنه يكون اسم لا مطولا والمطول يعرب ولا يبنى بل لكم في موضع رفع على الخبر أي كائن لكم وبما تعلق المجرور تعلق الظرف واليوم عبارة عن يوم بدر ويحتمل أن يكون قوله وإني جار لكم معطوفا على لا غالب لكم اليوم ويحتمل أن تكون الواو للحال أي لا أحد يغلبكم وأنا جار لكم أعينكم وأنصركم بنفسي وبقومي والفئتان جمعا المؤمنين والكافرين، وقيل فئة المؤمنين وفئة الملائكة نكص على عقبيه رجع في ضد إقباله وقال: إني بريء منكم مبالغة في الخذلان والانفصال عنهم لم يكتف بالفعل حتى أكد ذلك بالقول ما لا ترون رأي خرق العادة ونزول الملائكة إني أخاف الله، قال قتادة وابن الكلبي معذرة كاذبة لم يخف الله قط، وقال الزجاج وغيره: بل خاف مما رأى من الهول إنه يكون اليوم الذي أنظر إليه انتهى وينظر إلى هذه الآية قوله تعالى * (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر) * ويحتمل أن يكون والله شديد العقاب معطوفا على معمول القول قال: ذلك بسطا لعذره عندهم وهو متحقق أن عذاب الله شديد ويحتمل أن يكون من كلام الله استأنف تهديدا لإبليس ومن تابعه من مشركي قريش.
* (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم) *، العامل في إذ زين أو نكص أو سميع عليم أو اذكروا أقوال وظاهر العطف التغاير. فقيل المنافقون هم من الأوس والخزرج لما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم) قال بعضهم: نخرج معه، وقال بعضهم: لا نخرج غر هؤلاء أي المؤمنين دينهم فإنهم يزعمون أنهم على حق وأنهم لا يغلبون هذا معنى قول ابن عباس، والذين في قلوبهم مرض قوم أسلموا ومنهم أقرباؤهم من الهجرة فأخرجتهم قريش معها كرها فلما نظروا إلى قلة المسلمين ارتابوا وقالوا غر هؤلاء دينهم فقتلوا جميعا، منهم قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة والحرث بن زمعة بن الأسود وعلي بن أمية والعاصي بن منبه بن الحجاج ولم يذكر أن منافقا شهد بدرا مع المسلمين إلا معتب بن قشير فإنه ظهر منه يوم أحد قوله: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا، وقيل والذين في قلوبهم مرض هو من عطف الصفات وهي لموصوف واحد وصفوا بالنفاق وهو إظهار ما يخفيه من المرض كما قال تعالى في قلوبهم مرض وهم منافقو المدينة، وعن الحسن هم المشركون ويبعد هذا إذ لا يتصف المشركون بالنفاق لأنهم مجاهرون بالعداوة لا منافقون، وقال ابن عطية، قال المفسرون: إن هؤلاء الموصوفين بالنفاق ومرض القلوب إنما هم من أهل عسكر الكفار لما أشرفوا على المسلمين ورأوا قلة عددهم قالوا مشيرين إلى المسلمين غر هؤلاء دينهم أي اغتروا فأدخلوا أنفسهم فيما لا طاقة لهم به وكنى بالقلوب عن العقائد والمرض أعم من النفاق إذ يطلق مرض القلب على الكفر.
* (ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم) * هذا يتضمن الرد على من قال غر هؤلاء دينهم فكأنه قيل هؤلاء في لقاء عدوهم هم متوكلون على الله فهم الغالبون، ومن يتوكل على الله ينصره ويعزه فإن الله عزيز لا يغالب بقوة ولا بكثرة حكيم يضع الأشياء مواضعها أو حاكم بنصره من يتوكل عليه فيديل القليل على الكثير. * (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملئكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق * ذالك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد) *. لو التي ليست شرطا في المستقبل تقلب المضارع للمضي فالمعنى لو رأيت وشاهدت وحذف جواب لو جاز بليغ حذفه في مثل هذا لأنه يدل على التعظيم أي لرأيت أمرا عجيبا وشأنا هائلا كقوله ولو