تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٤٩٤
والأوزاعي إذا استعين بأهل الذمة يسهم لهم، وقال أشهب إذا خرج المقيد والذمي من الجيش وغنما فالغنيمة للجيش دونهم والظاهر أن قوله * (أنما غنمتم من شىء فأن لله خمسه) * عام في كل ما يغنم من حيوان ومتاع ومعدن وأرض وغير ذلك فيخمس جميع ذلك وبه قال الشافعي إلا الرجال البالغين، فقال الإمام فيهم مخير بين أن يمن أو يقتل أو يسبى ومن سبي منهم فسبيله سبيل الغنيمة، وقال مالك إن رأى الإمام قسمة الأرض كان صوابا أو إن أداه الاجتهاد إلى أن لا يقسمها لم يقسمها والظاهر أنه لا يخرج من الغنيمة غير الخمس فسلب المقتول غنيمة لا يختص به القاتل إلا أن يجعل له الأمير ذلك على قتله وبه قال مالك وأبو حنيفة والثوري، وقال الأوزاعي والليث والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد والطبري وابن المنذر: السلب للقاتل، قال ابن سريج وأجمعوا على أن من قتل أسيرا أو امرأة أو شيخا أو ذفف على جريج أو قتل من قطعت يداه ورجله أو منهزما لا يمنع في انهزامه كالمكتوف ليس له سلب واحد من هؤلاء والخلاف هل من شرطه أن يكون القاتل مقبلا على المقتول وفي معركة أم ليس ذلك من شرطه ودلائل هذه المسائل مستوفاة في كتب الفقه وفي كتب مسائل الخلاف وفي كتب أحكام القرآن والظاهر أن ما موصولة بمعنى الذي وهي اسم أن وكتبت أن متصلة بما وكان القياس أن تكتب مفصولة كما كتبوا إن ما توعدون لآت مفصولة وخبر إن هو قوله: فإن لله خمسة وإن لله في موضع رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي فالحكم إن لله ودخلت الفاء في هذه الجملة الواقعة خبرا لأن، كما دخلت في خبر أن في قوله * (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم) * وقال الزمخشري: فإن لله مبتدأ خبره محذوف تقديره حق أو فواجب أمن لله خمسة انتهى، وهذا التقدير الثاني الذي هو أو فواجب أن لله خمسه تكون أن ومعمولاها في موضع مبتدأ خبره محذوف وهو قوله فواجب وأجاز الفراء أن تكون ما شرطية منصوبة بغنمتم واسم أن ضمير الشأن محذوف تقديره أنه وحذف هذا الضمير مع أن المشددة مخصوص عند سيبويه بالشعر، وروى الجعفي عن هارون عن أبي عمرو فإن لله بكسر الهمزة، وحكاها ابن عطية عن الجعفي عن أبي بكر عن عاصم، ويقوي هذه القراءة قراءة النخعي فلله خمسه، وقرأ الحسن وعبد لوارث عن أبي عمرو: خمسه بسكون الميم، وقرأ النخعي خمسه بكسر الخاء على الاتباع يعني اتباع حركة الخاء لحركة ما قبلها كقراءة من قرأ * (والسماء ذات الحبك) * بكسر الحاء اتباعا لحركة التاء ولم يعتد بالساكن لأنه ساكن غير حصين، وانظر إلى حسن هذا التركيب كيف أفرد كينونة الخمس لله وفصل بين اسمه تعالى وبين المعاطيف بقوله خمسه ليظهر استبداده تعالى بكينونة الخمس له ثم أشرك المعاطيف معه على سيل التبعية له
(٤٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 ... » »»