وقال ابن السكيت: يقال هذا خلف صدق وهذا خلف سوء ويجوز هؤلاء خلف صدق وهؤلاء خلف سوء واحدة وجمعه سواء، وقال الشاعر:
* إنا وحدنا خلفا بئس الخلف * عبدا إذا ما ناء بالحمل وقف * وقد جمع في الردى بين اللغتين في هذا البيت، وقال النضر بن شميل: التحريك والإسكان معا في القرآن الردى وأما الصالح فبالتحريك لا غير وأكثر أهل اللغة على هذا إلا الفراء وأبا عبيدة فإنهما أجازا الإسكان في الصالح والخلف أما مصدر خلف ولذلك لا يثني ولا يجمع ولا يؤنث وإن ثنى وجمع وأنث ما قبله وإما جمع خالف كراكب وركب وشارب وشرب قاله ابن الأنباري، وليس بشيء لجريانه على المفرد واسم الجمع لا يجري على المفرد، قال ابن عباس وابن زيد: هنا هم اليهود، قال الزمخشري: وهم الذين كانوا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم): ورثوا الكتاب التوراة بقيت في أيديهم بعد سلفهم يقرأونها ويقفون على ما فيها من الأوامر والنواهي والتحريم والتحليل ولا يعملون بها، وقال الطبري هم أبناء اليهود وعن مجاهد أنهم النصار وعنه أنهم هؤلاء الأمة، وقرأ الحسن: ورثوا بضم الواو وتشديد الراء وعلى الأقوال يتخرج الكتاب أهو التوراة أو الإنجيل والقرآن وعرض هذا الأدنى هو ما يأخذونه من الرشا والمكاسب الخبيثة والعرض ما يعرض ولا يثبت وفي قوله: عرض هذا الأدنى تخسيس لما يأخذونه وتحقير له وأنهم مع علمهم بما في كتابهم من الوعيد على المعاصي يقدمون لأجل العامة على تبديل الكتاب وتحريفه كما قال تعالى: * (ثم يقولون هاذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا) * والأدنى من الدنو وهو القرب لأن ذلك قريب منقض زائل، قال الزمخشري: وإما من دنو الحال وسقوطها وقلتها، ويقولون سيغفر لنا قطع على الله بغفران معاصيهم أي لا يؤاخدنا الله بذلك والمناسب إذ ورثوا الكتاب أن يعملوا بما فيه وأنه إن قضي عليهم بالمعصية أن لا يجزموا بالمغفرة وهم مصرون على ارتكابها، ولنا في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله، وقيل ضمير مصدر يأخذون أي سيغفر هو أي الأخذ لنا.
* (وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه) *. الظاهر أن هذا استئناف إخبار عنهم بأنهماكهم في المعاصي وإن أمكنهم الرشا والمكاسب الخبيثة لم يتوقفوا عن أخذها ثانية، ودائما فهم مصرون على المعاصي غير مكترثين بالوعيد كما جاء والفاجر من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله والعرض بفتح الراء متاع الدنيا قاله أبو عبيدة، يقال: إن الدنيا عرض حاضر يأخذ منها البر والفاجر، والعرض بسكون الراء الدراهم والدنانير التي هي رؤوس الأموال وقيم المتلفات، قال السدي: كانوا يعيرون القاضي فإذا ولى المعير ارتشى، وقيل كانوا لو أتاهم من الخصم الأجر رشوة أخذوها ونقضوا بالرشكوة الثانية ما قضوا بالرشوة الأولى. وقال الشاعر:
* إذا ما صب في القنديل زيت * تحولت القضية للمقندل * وقال آخر:
* لم يفتح الناس أبوابا ولا عرفوا * أجدى وأنجح في الحاجات من طبق * * إذا تعمم بالمنديل في طبق * لم يخش نبوة بواب ولا غلق *