دينه فحلف فأنزل الله هذه الآية إلى قوله: * (بعد إيمانهم) * فقام عمرو بن العاص ورجل آخر منهم فحلفا فنزعت الخمسمائة من يد عدي بن زيد وزاد الواقدي في حديثه أن تميما وعدي كانا أخوين ويعني والله أعلم أنهما أخوان لأم وأن بديلا كتب وصيته بيده ودسها في متاعه، وأوصى إلى تميم وعدي أن يؤديا رحله وأن الرسول استحلفهما بعد العصر وأنه حلف عبد الله بن عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة، وذكر الزمخشري هذا السبب مختصرا مجردا فذكر فيه أن بديل بن أبي مريم كان من المهاجرين وأنه كتب كتابا فيه ما معه وطرحه في متاعه ولم يخبر به صاحبيه فأصاب أهل بديل الصحيفة فطالبوهما بالإناء فجحدوا فرفعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) فنزلت، وقال ابن عطية ولم يصح لعدي صحبة فيما علمت ولا ثبت إسلامه وقد عده بعض المتأخرين في الصحابة، وقال مكي بن أبي طالب: هذه الآيات عند أهل المعاني من أشكل ما في القرآن إعرابا ومعنى وحكما، قال ابن عطية وهذا كلام من لم يقع له الثلج في تفسيرها وذلك بين من كتابه انتهى. وقال أبو الحسن السخاوي ما رأيت أحدا من الأئمة تخلص كلامه فيها من أولها إلى آخرها انتهى. ومناسبة هذه الآية لما قبلها هي أنه لما ذكر * (ذلك بأن الذين كفروا) * كان في ذلك تنفير عن الضلال واستبعاد عن أن ينتفع بهم في شيء من أمور المؤمنين من شهادة أو غيرها فأخبر تعالى بمشروعية شهادتهم أو الإيصاء إليهم في السفر على ما سيأتي بيانه، وقال أبو نصر القشيري لما نزلت السورة بالوفاء بالعقود وترك الخيانات انجر الكلام إلى هذا، وقرأ الجمهور * (شهادة بينكم) * بالرفع وإضافة * (شهادة) * إلى * (بينكم) *، وقرأ الشعبي والحسن والأعرج * (شهادة بينكم) * برفع شهادة وتنوينه، وقرأ السلمي والحسن أيضا * (شهادة) * بالنصب والتنوين وروي هذا عن الأعرج وأبي حيوة و * (بينكم) * في هاتين القراءتين منصوب على الظرف فشهادة على قراءة الجمهور مبتدأ مضاف إلى بين بعد الاتساع فيه كقوله هذا فراق بيني وبينك وخبره * (اثنان) * تقديره شهادة اثنين أو يكون التقدير ذوا شهادة بينكم اثنان واحتيج إلى الحذف ليطابق المبتدأ الخبر وكذا توجيه قراءة الشعبي والأعرج، وأجاز الزمخشري أن يرتفع اثنان على الفاعلية بشهادة ويكون شهادة مبتدأ وخبره محذوف وقدره فيما فرض عليكم أن يشهد اثنان، وقيل شهادة مبتدأ خبره إذا حضر أحدكم الموت، وقيل خبره * (حين الوصية) *، ويرتفع * (اثنان) * على أنه خبر مبتدأ محذوف، التقدير الشاهدان اثنان ذوا عدل منكم، أو على الفاعلية، التقدير يشهد اثنان، وقيل * (شهادة) * مبتدأ * (* واثنان) * مرتفع به على الفاعلية وأغنى الفاعل عن الخبر. وعلى الإعراب الأول يكون إذا معمولا للشهادة وأما * (إلى حين) * فذكروا أنه يكون معمولا لحضر أو ظرفا للموت أو بدلا من إذا ولم يذكر الزمخشري غير البدل، قال * (وحين * الوصية) * بدل منه يعني من * (إذا) * وفي إبداله منه دليل على وجوب الوصية وأنها من الأمور اللازمة التي لا ينبغي أن يتهاون بها المسلم ويذهب عنها، وحضور الموت مشارفته وظهور أمارات بلوغ الأجل انتهى. وقال الماتريدي واتبعه أبو عبد الله الرازي: التقدير ما بينكم فحذف ما، قال أبو عبد الله الرازي: يعني شهادة ما بينكم، * (وبينكم) * كناية عن التنازع لأن الشهود إنما يحتاج إليهم عند وقوع التنازع وحذف ما من قوله ما بينكم جائز لظهوره ونظيره * (هاذا فراق بينى * وبينكم) * أي ما بيني وبينك وقوله * (لقد تقطع بينكم
(٤٣)