وحكى الزمخشري عن نافع أنه قرأ * (عليكم أنفسكم) * بالرفع وهي قراءة شاذة تخرج على وجهين: أحدهما يرتفع على أنه مبتدأ وعليكم في موضع الخبر والمعنى على الإغراء، والوجه الثاني أن يكون توكيدا للضمير المستكن في * (عليكم) * ولم تؤكد بمضمر منفصل إذ قد جاء ذلك قليلا ويكون مفعول * (عليكم) * محذوفا لدلالة المعنى عليه والتقدير عليكم أنفسكم هدايتكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم، وقرأ الجمهور * (لا يضركم) * بضم الضاد والراء وتشديدها، قال الزمخشري: وفيه وجهان أن يكون خبرا مرفوعا وينصره قراءة أبي حيوة * (لا يضركم) * وأن يكون جوابا للأمر مجزوما وإنما ضمت الراء اتباعا لضمة الضاد المنقولة إليها من الراء المدغمة والأصل لا يضركم ويجوز أن يكون نهيا انتهى. وقرأ الحسن بضم الضاد وسكون الراء من ضار يضور، وقرأ النخعي بكسر الضاد وسكون الراء من ضار يضير وهي لغات.
* (إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون) * أي مرجع المهتدين والضالين وغلب الخطاب على الغيبة كما تقول أنت وزيد تقومان وهذا فيه تذكير بالحشر وتهديد بالمجازاة.
* (تعملون يأيها الذين ءامنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان) * روى البخاري وغيره عن ابن عباس قال: كان تميم الداري وعدي يختلفان إلى مكة فخرج معهما فتى من بني سهم فتوفي بأرض ليس فيها مسلم فأوصى إليهما فدفعا تركته إلى أهله وحبسا جاما من فضة مخوصا بالذهب فاستحلفهما، وفي رواية فحلفهما بعد العصر النبي صلى الله عليه وسلم) (ما كتمتا ولا اطلعتما) ثم وجد الجام بمكة فقالوا اشتريناه من عدي وتميم فجاء الرجلان من ورثة السهمي فحلفا أن هذا الجام للسهمي ولشهادتنا أحق من شهادتهما، وما اعتدينا قال: فأخذ الجام وفيهم نزلت الآية، قيل والسهمي هو مولى لبني سهم يقال له بديل بن أبي مريم وأن جام الفضة كان يريد به الملك وهو أعظم تجاراته وأن عديا وتميما باعاه بألف درهم واقتسماها، وقيل اسمه بديل بن أبي مارية مولى العاصي بن وائل السهمي وأنه خرج مسافرا في البحر إلى أرض النجاشي. وأن إناء الفضة كان وزنه ثلاثمائة مثقال وكان مموها بالذهب قال فقدموا الشام، فمرض بديل وكان مسلما الحديث. وذكر أبو عبد الله بن الفضل أن ورثة بديل قالوا لهما ألستما زعمتما أن صاحبنا لم يبع شيئا من متاعه، فما بال هذا الإناء معكما وهو مما خرج صاحبنا به وقد حلفتما عليه قالا إنا كنا ابتعناه منه، ولم يكن لنا عليه بينة فكرهنا أن نقر لكم فتأخذوه منا وتسألوا عليه البينة ولا نقدر عليها فرفعوهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) فنزلت انتهى. وفي رواية قال تميم فلما أسلمت بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم) المدينة تأثمت من ذلك فأتيت أهله وأخبرتهم الخبر وأديت لهم خمسمائة درهم وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها فأتوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم) فسألهم البينة فلم يجدوا ما أمروا به فأمرهم أن يستحلفوه بما يقطه به على أهل