تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٣٥١
الهمزة في التقدير وأنه قدم الاستفهام اعتناء لأنه له صدر الكلام وقد تقدم كلامنا معه على هذه المسألة وبأسنا عذابنا وبياتا ليلا وتقدم تفسيره أول السورة، ونصبه على الظرف أي وقت مبيتهم أو الحال وذلك وقت الغفلة والنوم فمجيء العذاب في ذلك الوقت وهو وقت الراحة والاجتماع في غاية الصعوبة إذ أتى وقت المأمن، * (أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون) * أي في حال الغفلة والإعراض والاشتغال بما لا يجدي كأنهم يلعبون * (* وضحى) * منصوب على الظرف أي صحوة ويقيد كل ظرف بما يناسبة من الحال فيقيد البيات بالنوم والضحى باللعب وجاء * (وهم نائمون) * باسم الفاعل لأنها حالة ثبوت واستقرار للبائنين وجاء * (يلعبون) * بالمضارع لأنهم مشتغلون بأفعال متجددة شيئا فشيئا في ذلك الوقت، وقرأ نافع والابنان * (أو أمن) * بسكون الواو جعل أو عاطفة ومعناها التنويع لا أن معناها الإباحة أو التخيير خلافا لمن ذهب إلى ذلك وحذف ورش همزة أمن ونقل حركتها إلى الواو الساكنة والباقون بهمزة الاستفهام بعدها واو العطف وتكرر لفظ * ( أهل القرى) * لما في ذلك من التسميع والإبلاغ والتهديد والوعيد بالسامع ما لا يكون في الضمير لو جاء أو أمنوا فإنه متى قصد التفخيم والتعظيم والتهويل جيء بالاسم الظاهر. * (أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) * جاء العطف بالفاء وإسناد الفعل إلى الضمير لأن الجملة المعطوفة تكرير لقوله * (أفأمن أهل القرى) * * (أو أمن) * وتأكيد لمضمون ذلك فناسب إعادة الجملة مصحوبة بالفاء ومكر مصدر أضيف إلى الفاعل وهو استعارة لأخذه العبد من حيث لا يشعر، قال ابن عطية: * (ومكر الله) * هي إضافة مخلوق إلى الخالق كما تقول ناقة الله وبيت الله والمراد فعل معاقب به مكر الكفرة وأضيف إلى الله لما كان عقوبة الذنب فإن العرب تسمى العقوبة على أي جهة كانت باسم الذنب الذي وقعت عليه العقوبة وهذا نص في قوله * (ومكروا ومكر الله) * انتهى، وقال عطية العوفي: * (مكر الله) * عذابه وجزاؤه على مكرهم، وقيل مكره استدراجه بالنعمة والصحة وأخذه على غرة وكرر المكر مضافا إلى الله تحقيقا لوقوع جزاء المكر بهم.
* (أو لم * يهد للذين يرثون
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»