وقال ابن عباس: ما كنت أعرف معنى هذه اللفظة حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها تعال أفاتحك أي أحاكمك، وقال الفراء أهل عمان يسمون القاضي الفاتح، وقال السدي وابن بحر: احكم بيننا، قال أبو إسحاق وجائز أن يكون المعنى أظهر أمرنا حتى ينفتح ما بيننا وبين قومنا وينكشف ذلك وذلك بأن ينزل بعدوهم من العذاب ما يظهر به أن الحق معهم، قال ابن عباس: كان كثير الصلاة ولما طال تمادى قومه في كفرهم ويئس من صلاحهم دعا عليهم فاستجاب دعاءه وأهلكهم بالرجفة، وقال الحسن: إن كل نبي أراد هلاك قومه أمره بالدعاء عليهم ثم استجاب له فأهلكهم.
* (وقال الملا الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون) * أي قال بعضهم لبعض أي كبراؤهم لاتباعهم تثبيطا عن الإيمان: * (لئن اتبعتم شعيبا) * فيما أمركم به ونهاكم عنه، قال الزمخشري: (فإن قلت): ما جواب القسم الذي وطأته اللام في * (لئن اتبعتم) * وجواب الشرط (قلت): قوله * (إنكم إذا لخاسرون) * ساد مسد الجوابين انتهى، والذي تقول النحويون إن جواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ولذلك وجب مضي فعل الشرط فإن عنى الزمخشري بقوله ساد مسد الجوابين إنه اجتزىء به عن ذكر جواب الشرط فهو قريب وإن عنى به أنه من حيث الصناعة النحوية فليس كما زعم لأن الجملة يمتنع أن تكون لا موضع لها من الإعراب وأن يكون لها موضع من الإعراب * (وإذا) * هنا معناها التوكيد وهي الحرف الذي هو جواب ويكون معه الجزاء وقد لا يكون وزعم بعض النحويين أنها في هذا الموضع ظرف العامل فيه * (لخاسرون) * والنون عوض من المحذوف والتقدير أنكم إذا اتبعتموه * (لخاسرون) * فلما حذف ما أضيف إليه عوض من ذلك النون فصادفت الألف فالتقى ساكنان فحذف الألف لالتقائهما والتعويض فيه مثل التعويض في يومئذ وحينئذ ونحوه وما ذهب إليه هذا الزاعم ليس بشيء لأنه لم يثبت التعويض والحذف في * (إذا) * التي للاستقبال في موضع فيحمل هذا عليه، * (لخاسرون) * قال ابن عباس: مغبونون، وقال عطاء: جاهلون، وقال الضحاك: عجزة، وقال الزمخشري: لخاسرون لاستبدالكم الضلالة بالهدى لقوله * (أولائك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم) *. وقيل تخسرون باتباعه فوائد البخس والتطفيف لأنه ينهاكم عنه ويحملكم على الإيفاء والتسوية انتهى. * (فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين) * تقدم تفسير مثل هذه الجملة، قال ابن عباس وغيره: لما دعى عليهم فتح عليهم باب من جهنم بحر شديد أخذ بأنفاسهم فلم ينفعهم ظل ولا ماء فإذا دخلوا الأسراب ليتبردوا وجدوها أشد حرا من الظاهر فخرجوا هربا إلى البرية فأظلتهم سحابة فيها ريح طيبة فتنادوا عليكم الظلة فاجتمعوا تحتها كلهم فانطبقت عليهم وألهبها الله نارا ورجفت بهم الأرض فاحترقوا كما يحترق الجراد المقلو فصاروا رمادا. وروي أن الريح حبست عنهم سبعة أيام ثم سلط عليهم الحر، وقال يزيد الجريري: سلط عليهم الريح سبعة أيام ثم رفع لهم جبل من بعيد فأتاه رجل فإذا تحته أنهار وعيون فاجتمعوا تحته كلهم فوقع ذلك الجبل عليهم، وقال قتادة: أرسل شعيب إلى أصحاب الأيكة فأهلكوا بالظلة وإلى أصحاب مدين فصاح بهم جبريل صيحة فهلكوا جميعا وقال ابن عطية: ويحتمل أن فرقة من قوم شعيب هلكت