تقدم لها استعمالان أحدهما أن تكون بمعنى صار والثاني بمعنى رجع إلى ما كان عليه فعلى الأول لا إشكال في قوله أو لتعودن إذ صار فعلا مسندا إلى شعيب وأتباعه ولا يدل على أن شعيبا كان في ملتهم وعلى المعنى الثاني يشكل لأن شعيبا لم يكن في ملتهم قط لكن أتباعهم كانوا فيها، وأجيب عن هذا بوجوه، أحدها: أن يراد بعود شعيب في الملة حال سكوته عنهم قبل أن يبعث لإحالة الضلال فإنه كان يخفي دينه إلى أن أوحى الله إليه، الثاني: أن يكون من باب تغليب حكم الجماعة على الواحد لما عطفوا أتباعه على ضميره في الإخراج سحبوا عليه حكمهم في العود وإن كان شعيب بريئا مما كان عليه أتباعه قبل الإيمان، الثالث: أن رؤساءهم قالوا ذلك على سبيل التلبيس على العامة والإيهام أنه كان منهم * (قال أولو كنا كارهين) * أي أيقع منكم أحد هذين الأمرين على كل حال حتى في حال كراهيتنا لذلك والاستفهام للتوقيف على شنعة المعصية بما أقسموا عليه من الإخراج عن مواطنهم ظلما أو الإقرار بالعود في ملتهم، قال الزمخشري الهمزة للاستفهام والواو واو الحال تقديره أتعيدوننا في ملتكم في حال كراهتنا أو مع كوننا كارهين انتهى، فجعل الاستفهام خاصا بالعود في ملتهم وليس كذلك بل الاستفهام هو عن أحد الأمرين الإخراج أو العود وجعل الواو واو الحال وقدره أتعيدوننا في حال كراهتنا وليست واو الحال التي يعبر عنها النحويون بواو الحال بل هي واو العطف عطفت على حال محذوفة كقوله * (ردوا * السائل * ولو) * ليس المعنى ردوه في حال الصدفة عليه بظلف محرق بل المعنى ردوه مصحوبا بالصدقة ولو مصحوبا بظلف مخرق تقدم لنا إشباع القول في نحو هذا.
* (كنا كارهين قد افترينا على الله كذبا إن عدنا فى ملتكم بعد إذ نجانا الله منها) * هذا إخباره مقيد من حيث المعنى بالشرط وجواب الشرط محذوف من حيث الصناعة وتقديره * (إن عدنا فى ملتكم) * فقد افترينا وليس قوله * (قد افترينا على الله كذبا) * هو جواب الشرط إلا على مذهب من يجيز تقديم جواب الشرط على الشرط فيمكن أن يخرج هذا عليه وجوزوا في هذه الجملة وجهين أحدهما أن يكون إخبارا مستأنفا، قال الزمخشري: فيه معنى التعجب كأنهم قالوا ما أكذبنا على الله إن عدنا في الكفر بعد الإسلام لأن المرتد أبلغ في الافتراء من الكافر يعني الأصلي لأن الكافر مفتر على الله الكذب حيث يزعم أن لله ندا ولا ند له والمرتد مثله في ذلك وزائد عليه حيث يزعم أنه قد بين له ما خفي عليه من التمييز ما بين الحق والباطل. وقال ابن عطية: الظاهر أنه خبر أي قد كنا نواقع أمرا عظيما في الرجوع إلى الكفر، والوجه الثاني أن يكون قسما على تقدير حذف اللام أي والله لقد افترينا ذكره الزمخشري وأورده ابن عطية احتمالا قال: ويحتمل أن يكون على جهة القسم الذي هو في صيغة الدعاء مثل قول الشاعر:
* بقيت وفري وانحرفت عن العلا * ولقيت أضيافي بوجه عبوس * وكما تقول افتريت على الله أن كلمت فلانا ولم ينشد ابن عطية البيت الذي يقيد قوله بقيت وما بعده بالشرط وهو قوله: