هذا التقدير أن اللام تتعلق بلأملأن ويمتنع ذلك على قول الجمهور أن ما بعد لام القسم لا يعمل فيما قبله، وقال الزمخشري بمعنى لمن تبعك منهم الوعيد وهو قوله * (لاملان جهنم منكم أجمعين) * على أن * (لاملان) * في محل الابتداء ولمن تبعك خبره انتهى فإن أراد ظاهر كلامه فهو خطأ على مذهب البصريين لأن قوله * (لاملان) * جملة هي جواب قسم محذوف فمن حيث كونها جملة فقط لا يجوز أن تكون مبتدأة ومن حيث كونها جوابا للقسم يمتنع أيضا لأنها إذ ذاك من هذه الحيثية لا موضع لها من الإعراب ومن حيث كونها مبتدأة لها موضع من الإعراب ولا يجوز أن تكون الجملة لها موضع ولا موضع لها بحال لأنه يلزم أن تكون في موضع رفع لا في موضع رفع داخلا عليها عامل غير داخل وذلك لا يتصور، وقال أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي: اللام متعلقة من الذأم والدحر ومعناه أخرج بهاتين الصفتين لأجل أتباعك ذكر ذلك في كتاب اللوامح في شواذ القراءات ومعنى * (منكم) * منك وممن تبعك فغلب الخطاب على الغيبة كما تقول أنت وإخوتك أكرمكم.
* (أجمعين ويئادم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هاذه الشجرة فتكونا من الظالمين) *. أي وقلنا يا آدم وتقدم تفسير هذه الآية في البقرة. إلا أن هنا فكلا من حيث شئتما وفي البقرة وكلا منها رغدا حيث شئتما، قالوا: وجاءت على أحد محاملها وهو أن يكون الثاني بعد الأول وحذف رغدا هنا على سبيل الاختصار وأثبت هناك لأن تلك مدنية وهذه مكية فوفي المعنى هناك باللفظ.
* (فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هاذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين) * أي فعل الوسوسة لأجلهما وأما قوله * (فوسوس) * إليه فمعناه ألقى الوسوسة إليه، قال الحسن: وصلت وسوسته لهما في الجنة وهو في الأرض بالقوة التي خلقها الله له، قال ابن عطية: وهذا قول ضعيف يرده لفظ القرآن، وقيل: كان في السماء وكانا يخرجان إليه، وقيل: من باب الجنة وهما بها، وقيل: كان يدخل إليهما في فم الحية، وقال الكرماني: ألهمهما، وقال ابن القشيري: أورد عليهما الخواطر المزينة وهذان القولان يخالفان ظاهر القرآن لأن ظاهره يدل على قول ومحاورة وقسم والظاهر أن اللام لام كي قصد إبداء سوءاتهما وتنحط مرتبتهما بذلك ويسوءهما بكشف ما ينبغي ستره ولا يجتنبان نهى الله فيكونن هو وهما سواء في المخالفة هو أمر بالسجود فأبى، وهما نهيا فلم ينتهيا، وقال قوم: إنها لام الصيرورة لأنه لم يكن له علم بهذه العقوبة المخصوصة فيقصدها، قال الزمخشري: وفيه دليل على أن كشف العورة من عظائم الأمور وأنه لم يزل مستهجنا في الطباع مستقبحا في العقول انتهى، وهو على مذهبه الاعتزالي في أن العقل يقبح ويحسن، والظاهر أنه يراد مدلول سوآتهما نفسهما وهما الفرج والدبر قيل: وكانا لا يريانهما قبل أكل الشجرة فلما أكلا بدتا لهما، وقيل: لم يكن كل واحد يرى سوأة صاحبه، وقال قتادة كنى سوءاتهما عن جميع بدنهما وذكر السوأة لأنها أقبح ما يظهر من بني آدم، وقرأ الجمهور * (ووري) *، وقرأ عبد الله أوري بإبدال الواو همزة وهو بدل جائز، وقرأ ابن وثاب ما وري بواو مضمومة من غير واو بعدها على وزن كسى، وقرأ مجاهد والحسن من سوتهما بالإفراد وتسهيل الهمزة بإبدالها واوا وإدغام الواو فيها، وقرأ الحسن أيضا وأبو جعفر بن القعقاع وشيبة بن نصاح من سواتهما بتسيهل الهمزة وتشديد الواو، وقرئ من سواتهما بواو واحدة وحذف الهمزة ووجهه أنه حذفها وألقى حركتها على الواو فمن قرأ بالجمع فهو من وضع الجمع موضع التثنية كراهة اجتماع مثلين ومن قرأ بالإفراد فمن وضعه موضع التثنية ويحتمل أن يكون الجمع على أصل وضعه باعتبار أن كل عورة هي الدبر والفرج وذلك أربعة: فهي جمع وإلا أن تكونا ملكين استثناء مفرغ من المفعول من أجله أي ما نهاكما ربكما لشيء