مخلصين له الدين. قيل: الدعاء على بابه أمر به مقرونا بالإخلاص لأن دعاء من لا يخلص الدين لله لا يجاب، وقيل: معناه اعبدوا، وقيل: قولوا لا إله إلا الله.
* (كما بدأكم تعودون * فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة) *. قال ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة هو إعلام بالبعث أي كما أوجدكم واخترعكم كذلك يعيدكم بعد الموت ولم يذكر الزمخشري غير هذا القول. قال: كما أنشأكم ابتداء يعيدكم احتج عليهم في إنكارهم الإعادة بابتداء الخلق والمعنى أنه يعيدكم فيجازيكم على أعمالكم فأخلصوا له العبادة انتهى، وهذا قول الزجاج قال: كما أحياكم في الدنيا يحييكم في الآخرة وليس بعثكم بأشد من ابتداء إنشائكم وهذا احتجاج عليهم في إنكارهم البعث انتهى، وقال ابن عباس أيضا وجابر بن عبد الله وأبو العالية ومحمد بن كعب وابن جبير والسدي ومجاهد أيضا والفراء، وروى معناه عن الرسول أنه إعلام بأن من كتب عليه أنه من أهل الشقاوة والكفر في الدنيا هم أهل ذلك في الآخرة وكذلك من كتب له السعادة والإيمان في الدنيا هم أهل ذلك في الآخرة لا يتبدل شيء مما أحكمه ودبره تعالى ويؤيد هذا المعنى قراءة أبي * (تعودون) * فريقين * (فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة) * وعلى هذا المعنى يكون الوقف على * (تعودون) * غير حسن لأن * (فريقا) * نصب على الحال وفريقا عطف عليه والجملة من * (هدى) * ومن * (حق) * في موضع الصفة لما قبله وقد حذف الضمير من جملة الصفة أي هداهم، وجوز أبو البقاء أن يكون * (فريقا) * مفعول * (هدى) * * (وفريقا) * مفعول أضل مضمرة والجملتان الفعليتان حال، وهدى على إضمار قد أي تعودون قد هدى فريقا وأضل فريقا، وعلى المعنى الأول يحسن الوقف على * (تعودون) * ويكون * (فريقا) * مفعولا بهدى ويكون * (وفريقا) * منصوبا بإضمار فعل يفسر قوله * (حق عليهم الضلالة) *، وقال الزمخشري: * (فريقا هدى) * وهم الذين أسلموا أي وفقهم للإيمان وفريقا حق عليهم الضلالة أي كلمة الضلالة وعلم الله تعالى أنهم يضلون ولا يهتدون وانتصاب قوله تعالى * (وفريقا) * بفعل يفسره ما بعده كأنه قيل وخذل فريقا حق عليهم الضلالة انتهى؛ وهي تقادير على مذهب الاعتزال، وقيل المعنى تعودون لا ناصر لكم ولا معين لقوله * (ولقد جئتمونا فرادى) *، وقال الحسن: كما بدأكم من التراب يعيدكم إلى التراب، وقيل: معناه كما خلقكم عراة تبعثون عراة ومعنى * (حق عليهم الضلالة) * أي حق عليهم من الله أو حق عليهم عقوبة الضلالة هكذا قدره بعضهم، وجاء إسناد الهدى إلى الله ولم يجيء مقابله وفريقا أضل لأن المساق مساق من نهى عن أن يفتنه الشيطان وإخبار أن الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون وأن الله لا يأمر بالفشحاء وأمر بالقسط وإقامة الصلاة فناسب هذا المساق أن لا يسند إليه تعالى الضلال، وإن كان تعالى هو الهادي وفاعل الضلالة فكذلك عدل إلى قوله * (حق عليهم الضلالة) *.
* (إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون) *