تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٢٨٢
إلى الشجرة باللفظ الدال على القرب والتمكن من الأشجار فقيل: * (ولا تقربا هاذه الشجرة) * وحيث كان تعاطى مخالفة النهي وقرب إخراجه من الجنة واضطراب حاله فيها وفر على وجهه فيها قيل: ألم أنهكما عن تلكما فأشير إلى الشجرة باللفظ الدال على البعد والإنذار بالخروج منها * (وأقل لكما) * إشارة إلى قوله تعالى: * (فقلنا يائادم * أن لا * هاذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) * وهذا هو العهد الذي نسيه آدم على مذهب من يحمل النسيان على بابه) *. قال ابن عباس بين العداوة حيث أبي السجود وقال * (*) *. قال ابن عباس بين العداوة حيث أبي السجود وقال * (لاقعدن لهم صراطك المستقيم) * روى أنه تعالى قال لآدم: ألم يكن لك فيما منحتك من شجر الجنة مندوحة عن هذه الشجرة فقال بلى وعزتك ولكن ما ظننت أن أحدا من خلقك يحلف كاذبا قال فوعزتي لأهبطنك إلى الأرض ثم لا تنال إلا كدا فاهبط وعلم صنعة الحديد وأمر بالحرث فحرث وسقى وحصد ودرس وذرى وعجن وخبز، وقرأ أبي ألم تنهيا عن تلكما الشجرة وقيل لكما.
* (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) * قال الزمخشري وسميا ذنبهما وإن كان صغيرا مغفورا ظلما وقالا * (لنكونن من الخاسرين) * على عادة الأولياء والصالحين في استعظامهم الصغير من السيئات، وقال ابن عطية اعتراف من آدم وحواء عليهما السلام وطلب للتوبة والستر والتغمد بالرحمة فطلب آدم هذا وطلب إبليس النظرة ولم يطلب التوبة فوكل إلى رأيه، قال الضحاك: هذه الآية هي الكلمات التي تلقى آدم من ربه، وقيل: سعد آدم بخمسة أشياء اعترف بالمخالفة وندم عليها، ولام نفسه وسارع إلى التوبة ولم يقنط من الرحمة، وشقي إبليس بخمسة أشياء لم يقر بالذنب، ولم يندم، ولم يسلم نفسه بل أضاف إلى ربه الغواية، وقنط من الرحمة، و * (لنكونن) * جواب قسم محذوف قبل * (ءان) * كقوله و * (إن لم * ينتهوا عما يقولون ليمسن) * التقدير والله إن لم يغفر لنا وأكثر ما تأتي إن هذه ولام التوطئة قبلها كقوله * (لئن لم ينته) * ثم قال: لنغرينك بهم. * (قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم فى الارض مستقر ومتاع إلى حين) * تقدم تفسير هذا في البقرة. * (قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون) *. هذا كالتفسير لقوله * (ولكم فى الارض مستقر ومتاع إلى حين) * أي بالحياة إلى حين الموت ولذلك جاء قال بغير واو العطف إذ الأكثر في لسان العرب إذا لم تكن الجملة تفسيرية أو كالتفسيرية أن تعطف على الجملة قبلها فتقول قال فلان كذا، وقال كذا وتقول زيد قائم وعمرو قاعد ويقل في كلامهم قال فلان كذا قال كذا وكذلك يقل زيد قائم عمرو قاعد وهنا جاء * (قال اهبطوا) * الآية * (قال فيها تحيون) * لما كانت كالتفسير لما قبلها وتمم هنا المقصود بالتنبيه علي البعث والنشور بقوله * (ومنها تخرجون) * أي إلى المجازاة بالثواب والعقاب وهذا كقوله * (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) *. وقرأ الأخوان وابن ذكوان تخرجون مبنيا للفاعل هنا وعن ابن ذكوان في أول الروم خلاف، وقرأ باقي السبعة مبنيا للمفعول.
* (تخرجون يابنى آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوءتكم وريشا ولباس التقوى ذالك خير ذالك من آيات الله لعلهم يذكرون) * مناسبة هذه الآية لما قبلها هو أنه تعالى لما ذكر قصة آدم وفيها ستر السوءات وجعل له في الأرض مستقرا ومتاعا ذكر ما امتن به على بنيه وما أنعم به عليهم من اللباس الذي يواري السوءآت والرياش الذي يمكن به استقرارهم في الأرض واستمتاعهم بما خولهم، وقال مجاهد: نزلت هذه الآية والثلاث بعدها فيمن كان من العرب يتعرى في طوافه بالبيت وذكر النقاش أنها كانت عادة ثقيف وخزاعة وبني عامر بن صعصعة وبني مدلج والحرث وعامر ابني عبد مناة نسائهم ورجالهم وأنزلنا قيل على حقيقته من الانحطاط من علو إلى سفل فأنزل مع آدم وحواء شيئا من اللباس مثالا لغيره ثم توسع بنوهما في الصنعة استنباطا من ذلك المثال أو أنزل من السماء أصل كل شيء عند إهباطهما أو أنزل معه الحديد فاتخذ منه آلات الصنائع أو أنزل الملك فعلم آدم النسج أربعة أقوال، وقيل: الإنزال مجاز من إطلاق السبب على مسببه فأنزل المطر وهو سبب ما يتهيأ منه اللباس أو بمعنى خلق كقوله * (وأنزل لكم من الانعام ثمانية أزواج) *
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»