تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٥٣٠
واقد الأعرابي: وعباد الطاغوت جمع عابد، كضراب زيد. وقرأ ابن عباس في رواية، وجماعة، ومجاهد، وابن وثاب: وعبد الطاغوت جمع عبد، كرهن ورهن. وقال ثعلب: جمع عابد كشارف وشرف. وقال الزمخشري تابعا للأخفش: جمع عبيد، فيكون إذ ذاك جمع وأنشدوا:
* أنسب العبد إلى آبائه * اسود الجلدة من قوم عبد * وقرأ الأعمش وغيره: وعبد الطاغوت جمع عابد، كضارب وضرب. وقرأ بعض البصريين؟: وعباد الطاغوت جمع عابد كقائم وقيام، أو جمع عبد. أنشد سيبويه:
* أتوعدني بقومك يا ابن حجل * اسابات يخالون العبادا * وسمى عرب الحيرة من العراق لدخولهم في طاعة كسرى: عبادا. وقرأ ابن عباس في رواية: وعبيد الطاغوت جمع عيد، نحو كلب وكليب. وقرأ عبيد بن عمير: وأعبد الطاغوت جمع عبد كفلس وأفلس. وقرأ ابن عباس وابن أبي عبلة: وعبد الطاغوت يريد وعبدة جمع عابد، كفاجر وفجرة، وحذف التاء للإضافة، أو اسم جمع كخادم وخدم، وغائب وغيب. وقرئ: وعبدة الطاغوت بالتاء نحو فاجر وفجرة، فهذه ثمان قراءات بالجمع المنصوب عطفا على القردة والخنازير مضافا إلى الطاغوت. وقرئ وعابدي. وقرأ ابن عباس في رواية: وعابدوا. وقرأ عون العقيلي: وعابدوا، وتأولها أبو عمرو على أنها عآبد. وهذان جمعا سلامة أضيفا إلى الطاغوت، فبالتاء عطفا على القردة والخنازير، وبالواو عطفا على من لعنه الله أو على إضمارهم. ويحتمل قراءة عون أن يكون عابد مفردا اسم جنس. وقرأ أبو عبيدة: وعابد على وزن ضارب مضافا إلى لفظ الشيطان، بدل الطاغوت. وقرأ الحسن: وعبد الطاغوت على وزن كلب. وقرأ عبد الله في رواية: وعبد على وزن حطم، وهو بناء مبالغة. وقرأ ابن وثاب والأعمش وحمزة: وعبد على وزن يقظ وندس، فهذه أربع قراءات بالمفرد المراد به الجنس أضيفت إلى الطاغوت. وفي القراءة الأخيرة منها خلاف بين العلماء. قال نصير النحوي صاحب الكسائي وهو وهم ممن قرأ به، وليسأل عنه العلماء حتى نعلم أنه جائز. وقال الفراء: إن يكن لغة مثل حذر وعجل فهو وجه، وإلا فلا يجوز في القراءة. وقال أبو عبيد: إنما معنى العبد عندهم إلا عبد، يريدون خدم الطاغوت، ولم نجد هذا يصح عن أحد من فصحاء العرب أن العبد يقال فيه عبد، وإنما هو عبد وأعبد بالألف. وقال أبو علي: ليس في أبنية المجموع مثله، ولكنه واحد يراد به الكثرة، وهو بناء يراد به المبالغة، فكأن هذا قد ذهب في عبادة الطاغوت. وقال الزمخشري: ومعناه العلو في العبودية كقولهم: رجل حذر فطن للبليغ في الحذر والفطنة. قال الشاعر:
* أبني لبيني أن أمكم * أمة وإن أباكم عبد * انتهى.
وقال ابن عطية: عبد لفظ مبالغة كيقظ وندس، فهو لفظ مفرد يراد به الجنس، وبنى بناء الصفات لأن عبدا في
(٥٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 ... » »»