وابن بريدة، والأعرج، ونبيج، وابن عمران: مثوبة كمعورة. والجمهور: من نبأ ومثوبة كمعونة. وتقدم توجيه القراءتين في * (لمثوبة من عند الله) * وانتصب مثوبة هنا على التمييز، وجاء التركيب الأكثر الأفصح من تقديم المفضل عليه على لتمييز كقوله: * (ومن أصدق من الله حديثا) * وتقديم التمييز على المفضل أيضا فصيح كقوله: * (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله * وهاذه * فقل أسلمت وجهى لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والاميين ءأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد * إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم) * ومن في موضع رفع كأنه قيل: من هو؟ فقيل: هو من لعنه الله. أو في موضع جر على البدل من قوله: بشر. وجوزوا أن يكون في موضع نصب على موضع بشر أي: أنبئكم من لعنه الله. ويحتمل من لعنه الله أن يراد به أسلاف أهل الكتاب كما تقدم، أو الأسلاف والأخلاف، فيندرج هؤلاء الحاضرون فيهم. والذي تقتضيه الفصاحة أن يكون من وضع الظاهر موضع الضمير تنبيها على الوصف الذي حصل به كونه شرا مثوبة، وهي اللعنة والغضب. وجعل القردة والخنازير منهم، وعبد الطاغوت، وكأنه قيل: قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله أنتم أي: هو أنتم. ويدل على هذا المعنى قوله بعد: * (وإذا * الذين قالوا ءامنا) * فيكون الضمير واحدا. وقرأ أبي وعبد الله: من غضب الله عليهم، وجعلهم قردة وخنازير، وجعل هنا بمعنى صير. وقال الفارسي: بمعنى خلق، لأن بعده وعبد الطاغوت، وهو معتزلي لا يرى أن الله يصير أحدا عابد طاغوت. وتقدم الكلام في مسخهم قردة في البقرة.
وأما الذين مسخوا خنازير فقيل: شيوخ أصحاب السبت، إذ مسح شبانهم قردة قاله: ابن عباس. وقيل: أصحاب مائدة عيسى. وذكرت أيضا قصة طويلة في مسخ بني إسرائيل خنازير ملخصها: أن امرأة منهم مؤمنة قاتلت ملك مدينتها ومن معه، وكانوا قد كفروا بمن اجتمع إليها ممن دعته إلى الجهاد ثلاث مرات وأتباعها يقتلون، وتنفلت هي، فبعد الثالثة سببت واستبرأت في دينها، فمسخ الله أهل المدينة خنازير في ليلتهم تثبيتا لها على دينها، فلما رأتهم قالت: اليوم علمت أن الله أعز دينه وأقره، فكان المسخ خنازير على يدي هذه المرأة، وتقدم تفسير الطاغوت.
وقرأ جمهور السبعة: وعبد الطاغوت. وقرأ أبي: وعبدوا الظاغوت. وقرأ الحسن في رواية: وعبد الطاغوت بإسكان الباء. وخرجه ابن عطية: على أنه أراد وعبدا منونا فحذف التنوين كما حذف في قوله: * (ولا * يذكرون الله إلا قليلا) * ولا وجه لهذا التخريج، لأن عبدا لا يمكن أن ينصب الطاغوت، إذ ليس بمصدر ولا اسم فاعل، والتخريج الصحيح أن يكون تخفيفا من عبد بفتحها كقولهم: في سلف سلف. وقرأ ابن مسعود في رواية: عبد بضم الباء نحو شرف الرجل أي: صار له عبد كالخلق والأمر المعتاد قاله: ابن عطية: وقال الزمخشري: أي صار معبودا من دون الله كقولك: أمر إذا صار أميرا انتهى. وقرأ النخعي وابن القعقاع والأعمش في رواية هارون، وعبد الطاغوت مبنيا للمفعول، كضرب زيد. وقرأ عبد الله في رواية: وعبدت الطاغوت مبنيا للمفعول، كضربت المرأة. فهذه ست قراءآت بالفعل الماضي، وإعرابها واضح. والظاهر أن هذا المفعول معطوف على صلة من وصلت بلعنه، وغضب، وجعل، وعبد، والمبني للمفعول ضعفه الطبري وهو يتجه على حذف الرابط أي: وعبد الطاغوت فيهم أو بينهم. ويحتمل أن يكون وعبد ليس داخلا في الصلة، لكنه على تقدير من، وقد قرأ بها مظهرة عبد الله قرأ، ومن عبد فإما عطفا على القردة والخنازير، وإما عطفا على من قوله: من لعنه الله. وقرأ أبو