الأصابع، ويبقى الكف، ومن نصف القدم يبقى العقب، وهذا خلاف الظاهر، لأن الأصابع لا تسمى يدا، ونصف الرجل لا يسمى رجلا، وقال مالك: قليل المال وكثيره سواء، فيقطع المحارب إذا أخذه، وقال أصحاب الرأي والشافعي: لا يقطع إلا من أخذ ما يقطع فيه السارق، وأما النفي، فقال السدي: هو أن يطالب أبدا بالخيل والرجل حتى يؤخذ فيقام عليه حد الله، ويخرج من دار الإسلام، وروي عن ابن عباس وأنس نفيه: أن يطلب، وروي ذلك عن الليث ومالك، إلا أن مالكا قال: لا يضطر مسلم إلى دخول دار الشرك وقال ابن جبير وقتادة والربيع بن أنس والزهري والضحاك: النفي من دار الإسلام إلى دار الشرك، وقال عمر بن عبد العزيز وجماعة: ينفى من بلد إلى غيره، مما هو قاص بعيد، وقال أبو الزناد: كان النفي قديما إلى دهلك وناصع، وهما من أقصى اليمن، وقال الزمخشري دهلك في أقصى تهامة، وناصع من بلاد الحبشة، وقال أبو حنيفة: النفي السجن، وذلك إخراجه من الأرض، قال الشاعر، قال ذلك: وهو مسجون:
* خرجنا من الدنيا ونحن من اهليها * فلسنا من الأموات فيها ولا الأحيا * * إذا جاءنا السجان يوما لحاجة * عجبنا وقلنا جاء هذا من الدنيا * * وتعجبنا الرؤيا يحل حديثنا * إذا نحن أصبحنا الحديث عن الرؤيا * والظاهر أن نفيه من الأرض هو إخراجه من الأرض التي حارب فيها، إن كانت الألف واللام للعهد، فينفى من ذلك العمل وإن كانت للجنس، فلا يزال يطلب ويزعج، وهو هارب فزع إلى أن يلحق بغير عمل الإسلام، وصريح مذهب مالك: أنه إذا كان مخوف الجانب غرب وسجن حيث غرب، والتشديد في * (أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع) * قراءة الجمهور، وهو للتكثير بالنسبة إلى الذين يوقع بهم الفعل، والتخفيف في ثلاثتها قراءة الحسن ومجاهد وابن محيصن، * (ذلك لهم خزي في الدنيا) * أي: ذلك الجزاء من القطع والقتل والصلب والنفي، والخزي هنا الهوان والذل والافتضاح، والخزي والحياء، عبر به عن الافتضاح، لما كان فاستحيا، * (ولهم في الآخرة عذاب عظيم) * ظاهره أن معصية الحرابة مخالفة للمعاصي غيرها، إذ جمع فيها بين العقاب في الدنيا والعقاب في الآخرة، تغليظا لذنب الحرابة، وهو مخالف لظاهره قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبادة ' فمن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا، فهو كفارة له '، ويحتمل أن يكون ذلك على حسب التوزيع، فيكون الخزي في الدنيا إن عوقب، والعقاب في الآخرة إن سلم في الدنيا من العقاب، فتجزي معصية الحرابة مجرى سائر المعاصي، وهذا الوعيد كغيره مقيد بالمشيئة، وله تعالى أن يغفر هذا الذنب، ولكن في الوعيد خوف على المتوعد عليه نفاذ الوعيد، * (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ' ظاهره أنه استثناء من المعاقبين، عقاب قاطع الطريق، فإذا تابوا قبل القدرة على أخذهم سقط عنهم ما فكتب له سقوط الأموال والدم عنه كتابا منشورا، وقالوا: لا نظر للإمام فيه إلا كما ينظر في سائر المسلمين، فإن طولب بدم نظر فيه، وأقيد منه بطلب الولي، وإن طالب بمال، فمذهب مالك والشافعي وأصحاب الرأي: يؤخذ ما وجد عنده من مال غيره، ويطالب بقيمة ما استهلك، وقال قوم من الصحابة والتابعين: لا يطالب بما استهلك، ويؤخذ ما وجد عنده بعينه، وحكى الطبري عن عروة: انه لا تقبل توبة المحارب، ولكن لو فر إلى العدو، ثم جاءنا تائبا لم أر عليه عقوبة، قال الطبري: ولا أدري هل أراد ارتد أم لا؟ وقال الأوزاعي نحوه إلا أنه قال: إذ لحق بدار الحرب فارتد عن الإسلام، أو بقي عليه، ثم جاءنا تائبا من قبل أن نقدر علي قبلت توبته، * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة