وفي الحديث ' إن الله ضرب لكم ابني آدم مثلا، فخذوا من خيرها ودعوا شرها '، وحكى المفسرون: عجائب مما جرى بقتل هابيل، من رجفان الأرض سبعة أيام، وشرب الأرض دمه، وايسال الشجر، وتغير الأطعمة، وحموضة الفواكه، ومرارة الماء، واغرار الأرض، وهرب قابيل بأخته أقليميا إلى عدن من أرض اليمن، وعبادته النار وانهماك أولاده في اتخاذ آلات اللهو وشرب الخمر والزنا والفواحش حتى أغرقهم الله بالطوفان والله أعلم بصحة ذلك، قال الزمخشري: وروي أن آدم مكث بعد قتله مائة سنة لا يضحك، وأنه رثاء بشعر، وهو كذب بحت، وما الشعر إلا منحول ملحون، وقد صح أن الأنبياء معصومون من الشعر، وروى ميمون بن مهران، عن ابن عباس: أنه قال: من قال: إن آدم قال شعرا فهو كذب، ورمى آدم بما لا يليق بالنبوة، لأن محمدا والأنبياء - عليه السلام - كلهم في النفي عن الشعر سواء، قال الله تعالى * (وما علمناه الشعر وما ينبغي له) * ولكنه كان ينوح عليه، وهو أول شهيد كان على وجه الأرض، ويصف حزنه عليه نثرا من الكلام شبه المرثية فتناسخته القرون وحفظوا كلامه فلما وصل إلى يعرب بن قحطان وهو أول من خط بالعربية، فنظمه فقال:
* تغيرت البلاد ومن عليها * فوجه الأر ض مغبر قبيح * وذكر بعد هذا البيت ستة أبيات، وأن إبليس أجابه في الوزن والقافية بخمسة أبيات، وقول الزمخشري في الشعر: إنه ملحون يشير فيه إلى بيت، وهو الثاني:
* تغير كل ذي لون وطعم * وقل بشاشة الوجه المليح * يرويه: بشاشة الوجه المليح على الإقواء، ويروي بنصب بشاشة، ونصبه على التمييز، وحذف التنوين لالتقاء الألف واللام قد جاء في كلامهم، قرئ * (أحد الله الصمد) * وروي: ولا ذاكر الله، بحذف التنوين، * (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) * الجمهور على أن * (من أجل ذلك) * متعلق بقوله * (كتبنا) * وقال قوم: بقوله * (من النادمين) * أي: ندم من أجل ما وقع، ويقال: أجل الأمر أجلا وآجلا إذا اجتباه وحده قال زهير:
* وأهل خباء صالح ذات بينهم * قد احتربوا في عاجل أنا آجله * أي: جانيه ونسب هذا البيت ابن عطية إلى جواب، وهو في ديوان زهير، والمعنى: بسبب ذلك، وإذا قلت: فعلت ذلك من أجلك أردت أنك جنيت ذلك وأوجبته، ومعناه: ومعنى من جراك واحد، أي: من جريرتك،