تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٣
يكون الفعل فيهما لازما، لأنهم يقولون: أبطأ وبطأ في معنى بطؤ، ويحتمل أن يكون متعديا بالهمزة أو التضعيف من بطؤ، فعل اللزوم المعنى أنه يتثاقل ويثبط عن الخروج للجهاد، وعلى التعدي أكثر المفسرين.
* (فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله على إذ لم أكن معهم شهيدا) * المصيبة: الهزيمة. سميت بذلك لما يلحق الإنسان من العتب بتولية الإدبار وعدم الثبات. ومن العرب من يختار الموت على الهزيمة وقد قال الشاعر:
* إن كنت صادقة كما حدثتني * فنجوت منجى الحارث بن هشامترك الأحبة أن يقاتل عنهمونجا برأس طمره ولجام * عيره بالانهزام وبالفرار عن الأحبة. وقال آخر في المدح على الثبات في الحرب والقتل فيه:
* وقد كان فوت الموت سهلا فرده * إليه الحفاظ المرء والخلق الوعرفأثبت في مستنقع الموت رجله وقال لها من تحت أخمصك الحشر * وقيل: المصيبة القتل في سبيل الله، سموا ذلك مصيبة على اعتقادهم الفاسد، أو على أن الموت كله مصيبة كما سماه الله تعالى. وقيل: المصيبة الهزيمة والقتل. والشهيد هنا الحاضر معهم في معترك الحرب، أو المقتول في سبيل الله، يقوله المنافق استهزاء، لأنه لا يعتقد حقيقة المشهادة في سبيل الله.
2 (* (ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ياليتنى كنت معهم فأفوز فوزا عظيما) *)) 2 * (ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ياليتنى * ليتنى * كنت معهم فأفوز فوزا عظيما) * الفضل هنا: الظفر بالعدو والغنيمة. وقرأ الجمهور: ليقولن بفتح اللام. وقرأ الحسن: ليقولن بضم اللام، أضمر فيه ضمير الجمع على معنى من. وقرأ ابن كثير وحفص. كأن لم تكن بتاء التأنيث، والباقون بالياء. وقرأ الحسن ويزيد النحوي: فأفوز برفع الزاي عطفا على كنت، فتكون الكينونة معهم والفوز بالقسمة داخلين في التمني، أو على الاستئناف أي فأنا أفوز. وقرأ الجمهور: بنصب الزاي، وهو جواب التمني، ومذهب جمهور البصريين: أن النصب بإضمار أن بعد الفاء، وهي حرف عطف عطفت المصدر المنسبك من أن المضمرة والفعل المنصوب بها على مصدر متوهم. ومذهب الكوفيين: أنه انتصب بالخلاف، ومذهب الجرمي: أنه انتصب بالفاء نفسها، ويا عند قوم للنداء، والمنادي محذوف تقديره: يا قوم ليتني. وذهب أبو علي: إلى أن يا للتنبيه، وليس في الكلام منادى محذوف، وهو الصحيح. وكأن هنا مخففة من الثقيلة، وإذا وليتها الجملة الفعلية فتكون مبدوءة بقد، نحو قوله:
* لا يهولنك اصطلاؤك للحر * ب فمحذورها كان قد ألما * أو بلم كقوله: (كان لم يكن) كان لم (تغن بالأمس) ووجدت في شعر عمار الكلبي ابتداءها في قوله:
* بددت منها الليالي شملهم * فكأن لما يكونوا قبل ثم *
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»