* وإنا لمما نضرب الكبشر ضربة * على رأسه تلقى اللسان من الفم * ونحوه. وفي هذا هي بمنزلة ربما، وهي لها مخالفة في المعنى: لأن ربما معناها التقليل، ومما معناها التكثير. ومع أن ما موطئه، فهي بمعنى الذي. وما وطأت إلا وهي اسم، ولكن القصد إنما هو لما يليها من المعنى الذي في الفعل انتهى كلامه. وهو كلام متهافت، لأنه من حيث جعلها موطئة مهيئة لا تكون اسما، ومن حيث جعلها بمعنى الذي لا تكون مهيئة موطئة فتدافعا. وقرأ الجمهور: نعما بكسر العين اتباعا لحركة العين. وقرأ بعض القراء: نعما بفتح النون على الأصل، إذ الأصل نعم على وزن شهد. ونسب إلى أبي عمرو سكون العين، فيكون جمعا بين ساكنين.
* (إن الله كان سميعا) * أي لأقوالكم الصادرة منكم في الأحكام.
* (بصيرا) * برد الأمانات إلى أهلها.
* (بصيرا ياأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم) * قيل: نزلت في أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وذكروا قصة طويلة مضمونها: أن عمارا أجار رجلا قد أسلم، وفر أصحابه حين أنذروا بالسرة فهربوا، وأقام الرجل وإن أميرها خالدا أخذ الرجل وماله، فأخبره عمار بإسلامه وإجارته إياه فقال خالد: وأنت تجيز؟ فاستبا وارتفعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فأجاز أمان عمار، ونهاه أن يجير على أمير.
ومناسبتها لما قبلها أنه لما أمر الولاة أن يحكموا بالعدل أمر الرعية بطاعتهم، قال عطاء: أطيعوا الله في فريضته، والرسول في سنته. وقال ابن زيد: في أوامره ونواهيه، والرسول ما دام حيا، وسنته بعد وفاته. وقيل: فيما شرع، والرسول فيما شرح. وقال ابن عباس، وأبو هريرة، والسدي، وابن زيد: أولو الأمر هم الأمراء. وقال مجاهد: أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم). وقال التبريزي: المهاجرون والأنصار. وقيل: الصحابة والتابعون. وقيل: الخلفاء الأربع. وقال عكرمة: أبو بكر وعمر. وقال جابر، والحسن، وعطاء، وأبو العالية، ومجاهد أيضا: العلماء، واختاره مالك. وقال ميمون، ومقاتل، والكلبي، أمراء السرايا، أو الأئمة من أهل البيت قاله: الشيعة. أو علي وحده قالوه أيضا. والظاهر أنه كل من ولي أمر شيء ولاية صحيحة. قالوا: حتى المرأة يجب عليها طاعة زوجها، والعبد مع سيده، والولد مع والديه، واليتيم مع وصية فيما يرضى الله وله فيه مصلحة.
وقال الزمخشري: والمراد، بأولي الأمر منكم، أمراء الحق، لأن أمراء الجور الله ورسوله بريئان منهم، فلا يعطفون على الله ورسوله. وكان أول الخلفاء يقول: أطيعوني ما عدلت فيكم، فإن خالفت فلا طاعة لي عليكم. وعن أبي حازم: أن مسلمة بن عبد الملك قال له: ألستم أمرتم بطاعتنا في قوله وأولي الأمر منكم؟ قال: أليس قد نزعت منكم إذ خالفتم الحق بقوله: * (فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول) *. وقيل: هم أمراء السرايا. وعن النبي صلى الله عليه وسلم): (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع أميري فقد أطاعني، ومن يعص أميري فقد عصاني) وقيل: هم العلماء الدينون الذين يعلمون الناس الدين، يأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر انتهى. وقال سهل التستري: أطيعوا السلطان في سبعة: ضرب الدنانير، والدراهم، والمكاييل، والأوزان، والأحكام، والحج، والجمعة، والعيدين، والجهاد. وإذا نهى السلطان العالم أن يفتى فليس له أن يفتى، فإن أفتى فهو عاص وإن كان أميرا جائرا. قيل: ويحمل قول سهل على أنه يترك الفتيا إذا خاف منه على نفسه.