تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٧
يزلف إليه التقيؤ تحت ذلك الظل. وفي قراءة عبد الله: سيدخلهم بالياء انتهى. وقال الحسن: قد يكون ظل ليس بظليل يدخله الحر والشمس، فلذلك وصف ظل الجنة بأنه ظليل. وعن الحسن: ظل أهل الجنة يقي الحر والسموم، وظل أهل النار من يحموم لا بارد ولا كريم. ويقال: إن أوقات الجنة كلها سواء اعتدال، لا حر فيها ولا برد. وقرأ النخعي وابن وثاب: سيدخلهم بالياء، وكذا ويدخلهم ظلا، فمن قرأ بالنون وهم الجمهور فلاحظ قوله في وعيد الكفار: * (سوف نصليهم) * ومن قرأ بالياء لاحظ قوله: * (إن الله كان عزيزا حكيما) * فأجراه على الغيبة.
وقد تضمنت هذه الآيات الكريمة أنواعا من الفصاحة والبيان والبديع. الاستفهام الذي يراد به التعجب في: ألم تر في الموضعين. والخطاب العام ويراد به الخاص في: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا وهو دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم) ابن صوريا وكعبا وغيرهما من الأحبار إلى الإيمان حسب ما في سبب النزول. والاستعارة في قوله: من قبل أن نطمس وجوها، في قول من قال: هو الصرف عن الحق، وفي: ليذوقوا العذاب، أطلق اسم الذوق الذي هو مختص بحاسة اللسان وسقف الحلق على وصول الألم للقلب. والطباق في: فتردها على أدبارها، والوجه ضد القفا، وفي للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا، وفي: إن الذين كفروا والذين آمنوا، وفي: من آمن ومن صد، وهذا طباق معنوي. والاستطراد في: أو نلعنهم كما لعن أصحاب السبت. والتكرار في: يغفر، وفي: لفظ الجلالة، وفي: لفظ الناس، وفي: آتينا وآتيناهم، وفي: فمنهم ومنهم، وفي: جلودهم وجلودا، وفي: سندخلهم وندخلهم. والتجنيس المماثل في: نلعنهم كما لعنا وفي: لا يغفر ويغفر، وفي: لعنهم الله ومن يلعن الله، وفي: لا يؤتون ما آتاهم آتينا وآتيناهم وفي: يؤمنون بالجبت وآمنوا أهدى. والتعجب: بلفظ الأمر في قوله: انظر كيف يفترون. وتلوين الخطاب في: يفترون أقام المضارع مقام الماضي إعلاما أنهم مستمرون على ذلك. والاستفهام الذي معناه التوبيخ والتقريع في: أم لهم نصيب وفي: أم يحسدون. والإشارة في: أولئك الذين. والتقسيم في: فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه. والتعريض في: فإذن لا يؤتون الناس نقيرا عرض بشدة بخلهم. وإطلاق الجمع على الواحد في: أم يحسدون الناس إذا فسر بالرسول، وإقامة المنكر مقام المعرف لملاحظة الشيوع. والكثرة في: سوف نصليهم نارا. والاختصاص في: عزيزا حكيما. والحذف في: مواضع.
(* (إن الله يأمركم أن تؤدوا الاحمانات إلىأهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا * يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الا مر منكم فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الا خر ذالك خير وأحسن تأويلا * ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم ءامنوا بمآ أنزل إليك ومآ أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا * وإذا قيل لهم تعالوا إلى مآ أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا * فكيف إذآ أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»