فإذا أخذت النصف أخذ الباقي. واختلف في ابني عم أحدهما أخ لام، فقال علي وزيد: للأخ من الأم السدس، وما بقي بينهما نصفان، وهو قول فقهاء الأمصار. وقال عمر وعبد الله وشريح والحسن: المال للأخ من الأم.
* (وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا) * قيل: نزلت في أرباب الأموال يقسمونها عندما يحضر الموت في وصية، وجهات يختارونها، ويحضرهم من القرابات محجوب عن الإرث، فيوصون للأجانب ويتركون المحجوبين فيحرمون الإرث والوصية قاله: ابن عباس وابن المسيب وابن زيد وأبو جعفر. وقيل: نزلت في أرباب الفرائض يحضرهم أيضا محجوب، فأمروا أن يرضخوا لهم مما أعطاهم الله. روي عن ابن عباس وابن المسيب: أنها منسوخة، وبه قال: عكرمة والضحاك قالوا: كانت قسمة جعلها الله ثلاثة أصناف، ثم نسخ ذلك بآية الميراث، وأعطى كل ذي حظ حظه، وجعل الوصية للذين يحرمون ولا يرثون. وقيل: هي محكمة أمر الله من استحق إرثا، وحضر القسمة قريب أو يتيم أو مسكين لا يرث، أن لا يحرموا إن كان المال كثيرا، وأن يعتذر إليهم إن كان قليلا، وأمر به أبو موسى الأشعري. وقال الحسن والنخعي: كان المؤمنون يفعلون ذلك يقسمون لهم من العين الورق والفضة، فإذا قسموا الأرضين والرقيق قالوا لهم قولا معروفا: بورك فيكم. وفعله عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر وتلا هذه الآية. وإذا كان الوارث صغيرا لا يتصرف، هل يفعل ذلك الولي أولا؟ قولان. والظاهر من سياق هذه الآية عقيب ما قبلها أنها في الوارثين لا في المحتضرين الموضين، والذي يظهر من القسمة أنها مصدر بمعنى القسم قال تعالى: * (تلك إذا قسمة ضيزى) *.
وقيل: المراد بالقسمة المقسوم. وقيل: القسمة الاسم من الاقتسام لا من القسم، كالخيرة من الاختيار. ولا يكاد الفصحاء يقولون قسمت بينهم قسمة، وروى ذلك الكسائي. وقسمتك ما أخذته من الإقسام، والجمع قسم. وقال الخليل: القسم الحظ والنصيب من الجزء، ويقال: قاسمت فلانا المال وتقاسمناه واقتسمناه، والقسم الذي يقاسمك.
وظاهر قوله: فارزقوهم، الوجوب. وبه قال جماعة منهم: مجاهد، وعطاء، والزهري. وقال ابن عباس، وابن جبير، والحسن: هو ندب. وفي قوله: فارزقوهم إضافة الرزق إلى غير الله تعالى، كما قال: * (والله خير الرزقين) * وقيل: كان ذلك في الورثة واجبا فنسخته آية الميراث، والضمير في: منه عائد على المال المقسوم، ودل عليه القسمة، لأن القسمة وهي المصدر تدل على متعلقها وهو المال. وقيل: يعود إلى ما من قوله: ما ترك الوالدان والأقربون. ومن قال: القسمة المقسوم، أعاد الضمير إلى القسمة على معنى التذكير، إذ المراد المقسوم. وقدم اليتامى على المساكين لأن ضعفهم أكثر، وحاجتهم أشد، فوضع الصدقات فيهم أفضل وأعظم للأجر. والظاهر أنهم يرزقون من عين المال المقسوم، ورأى عبيدة وابن سيرين: أن الرزق في هذه الآية أن يصنع لهم طعام يأكلونه، وفعلا ذلك وذبحاشاة من التركة، وقسم عند عبيدة مال ليتيم فاشترى منه شاة وذبحها، وقال عبيدة: لولا هذه لكانت من مالي. وقوله: منه يدل على التبعيض، ولا تقدير فيه بالإجماع، وهذا مما يدل على الندب. إذ لو كان لهؤلاء حق معين لبين الله قدر ذلك الحق، كما بين في سائر الحقوق. وعلى هذا فقهاء الأمصار إذا كان الورثة كبار، وإن كانوا صغارا فليس إلا القول المعروف.
والضمير في قوله: وقولوا لهم، عائد على ما عاد عليه الضمير في: فارزقوهم، وهم: أولو القربى واليتامى والمساكين. وقال ابن جرير: الآية محكمة في الوصية، والضمير في فارزقوهم عائد على أولي القربى الموصي لهم، وفي لهم عائد على اليتامى والمساكين. أمر أن يقال لهم قول معروف. وقيل أيضا بتفريق الضمير، ويكون المراد من