أو بالمسافر، أو بالمضطر، أو بالمشتغل بذلك عن مهمات نفسه؟ أقوال. وإذا كان بالنسبة للمأكول، فهل يختص بالتافه أم يتعدى إلى غيره؟ قولان. وإذا تعدى إلى غيره، فهل يكون أجرة أم لا؟ قولان. وإذا لم يكن أجرة فأخذ، فهل يترتب دينا في ذمته يجب قضاؤه إذا أيسر أم لا؟ قولان. ودلائل هذه الأقوال مذكورة في مسائل الخلاف. ولفظه فليستعفف أبلغ من فليعف، لأن فيه طلب زيادة العفة.
* (فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم) * أمر تعالى بالإشهاد لحسم مادة النزاع، وسوء الظن بهم، والسلامة من الضمان والغرم على تقدير إنكار اليتيم، وطيب خاطر اليتيم بفك الحجر عنه، وانتظامه في سلك من يعامل ويعامل. وإذا لم يشهد فادعى عليه صدق مع يمينه عند أبي حنيفة وأصحابه، وعند مالك. والشافعي: لا يصدق إلا بالبينة. فكان في الإشهاد الاحتراز من توجه الحلف المفضي إلى التهمة، أو من وجوب الضمان إذ لم يقم البينة. وظاهر الأمر أنه واجب. وقال قوم: هو ندب.
وظاهر الآية الأمر بالإشهاد عليهم إذا دفع إليهم أموالهم، وهي المأمور بدفعها في قوله: * (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن) * وقال عمرو بن جبير: هذا الإشهاد إنما هو على دفع الولي ما استقرضه من مال اليتيم حالة فقره إذا أيسر. وقيل: فيها دليل على وجوب القضاء على من أكل من مال اليتيم، المعنى: أقرضتم أو أكلتم فأشهدوا هذا غرمتم. وقيل: المعنى إذا أنفقتم شيئا على المولى عليه فاشهدوا، حتى لو وقع خلاف أمكن إقامة البينة، فإن مالا قبض على وجه الأمانة بإشهاد لا يبرأ منه إلا بإشهاد على دفعه.
* (وكفى بالله حسيبا) * أي كافيا في الشهادة عليكم. ومعناه: محسبا من أحسبني كذا، أي كفاني، قاله: الأعمش والطبري. فيكون فعيلا بمعنى مفعل، أو محاسبا، أو حاسبا لأعمالكم يجازيكم بها، فعليكم بالصدق، وإياكم والكذب. فيكون في ذلك وعيد لجاحد الحق.
وحسيب فعيل بمعنى مفاعل، كجليس وخليط، أو بمعنى فاعل، حول للمبالغة في الحسبان. وقال ابن عباس والسدي ومقاتل: معنى حسيبا شهيدا. وفي كفى خلاف: أهي اسم فعل، أم فعل؟ والصحيح أنها فعل، وفاعله اسم الله، والباء زائدة. وقيل: الفاعل مضمر وهو ضمير الاكتفاء، أي: كفى هو، أي الاكتفاء بالله، والباء ليست بزائدة، فيكون بالله في موضع نصب، ويتعلق إذ ذاك بالفاعل. وهذا الوجه لا يسوغ إلا على مذهب الكوفيين، حيث يجيزون أعمال ضمير المصدر كأعمال ظاهره. وإن عنى بالإضمار الحذف ففيه إعمال المصدر وهو موصول، وإبقاء معموله وهو عند البصريين لا يجوز، أعني: حذف الفاعل وحذف المصدر. وانتصب حسيبا على التمييز لصلاحية دخول من عليه. وقيل: على الحال. وكفى هنا متعدية إلى واحد وهو محذوف، التقدير: وكفاكم الله حسيبا. وتأتي بغير هذا المعنى، فتعديه إلى اثنين كقوله: * (فسيكفيكهم الله) * * (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا) * قيل: سبب نزولها هو خير أم كجه وقد تقدم، قاله: عكرمة وقتادة وابن زيد. قال المروزي: كان اليونان يعطون جميع المال للبنات، لأن الرجل لا يعجز عن الكسب، والمرأة تعجز. وكانت العرب لا يعطون البنات، فرد الله على الفريقين. والمعني: بالرجال الذكور، وبالنساء الإناث كقوله: * (وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) *.
وأبهم في قوله: نصيب، ومما ترك في موضع الصفة لنصيب. وقيل: يتعلق بلفظ نصيب فهو من تمامه. والوالدان: يعني والدي الرجال والنساء، وهما أبواهم، وسمى الأب والد، لأن الولد منه، ومن الوالدة. وللاشتراك جاء الفرق بينهما بالتاء كقوله: * (لا تضار والدة بولدها) * وجمع بالألف والتاء قياسا كقوله: * (والوالدات) * قال ابن عطية: كما قال الشاعر: