العدة) * الظاهر أنها للعهد، فيكون ذلك راجعا إلى قوله: * (فعدة من أيام أخر) * أي: وليكمل من أفطر في مرضه أو سفره عدة الأيام التي أفطر فيها بأن يصوم مثلها، وقيل: عدة الهلال سواء كانت تسعة وعشرين يوما أم كان ثلاثين، فتكون العدة راجعة إذ ذاك إلى شهر رمضان المأمور بصومه.
* (ولتكبروا الله على ما هداكم) * معطوف على: ولتكملوا العدة، والكلام في اللام كالكلام في لام: ولتكملوا ومعنى التكبير هنا تعظيم الله والثناء عليه، فلا يختص ذلك بلفظ التكبير، بل يعظم الله ويثني عليه بما شاء من ألفاظ الثناء والتعظيم، وقيل: هو التكبير عند رؤية الهلال في آخر رمضان.
وروي عن ابن عباس أنه قال: حق على المسلمين إذا رأوا هلال شوال أن يكبروا، وقيل: هو التكبير المسنون في العيد، وقال سفيان: هو التكبير يوم الفطر.
واختلف في مدته وفي كيفيته، فعن ابن عباس: يكبر من رؤية الهلال إلى انقضاء الخطبة ويمسك وقت خروج الإمام ويكبر بتكبيره، وقيل: وهو قول الشافعي: من رؤية الهلال إلى خروج الإمام إلى الصلاة. وقال زيد بن أسلم، ومالك: من حين يخرج من منزله إلى أن يخرج الإمام وروي ابن القاسم، وعلي بن زياد: إن خرج قبل طلوع الشمس فلا يكبر في طريقه ولا في جلوسه حتى تطلع الشمس، وإن غدا بعد الطلوع فليكبر في طريقه إلى المصلى وإذا جلس حتى يخرج الإمام.
واختلف عن أحمد، فنقل الأثر عنه أنه إذا جاء إلى المصلى يقطع؛ قال أبو يعلى: يعني: وخرج الإمام، ونقل حنبل عنه أن يقطع بعد فراغ الإمام من الخطبة.
واختلفوا في الأضحى، فقال مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو يوسف، ومحمد: الفطر والأضحى سواء في ذلك، وبه قال ابن المسيب، وأبو سلمة، وعروة، وقال أبو حنيفة: يكبر في الأضحى ولا يكبر في الفطر.
وكيفيته عند الجمهور: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، ثلاثا، وهو مروي عن جابر، وقيل: يكبر ويهلل ويسبح أثناء التكبير، ومنهم من يقول: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا. وكان ابن المبارك يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا. وقال ابن المنذر: كان مالك لا يجد فيه حدا، وقال ابن العربي: اختار علماؤنا التكبير المطلق وهو ظاهر الكتاب، وقال أحمد: كل واسع، وحجج هذه الأقاويل في كتب الفقه.
ورجح في (المنتخب) أن إكمال العدة هو في صوم رمضان، وأن تكبيرا لله هو عند الانقضاء على ما هدى إلى هذه الطاعة، وليس بمعنى التعظيم. قال: لأن تكبير الله بمعنى تعظيمه هو واجب في جميع الآوقات وفي كل الطاعات، فلا معنى للتخصيص انتهى. وعلى، تتعلق: بتكبروا، وفيها إشعار بالعلية، كما تقول أشكرك على ما أسديت إلي.
قال الزمخشري: وإنما عدى فعل التكبر بحرف الاستعلاء لكونه مضمنا معنى الحمد، كأنه قيل: ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم. انتهى كلامه.
وقوله: كأنه قيل: ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم، هو تفسير معنى لا تفسير إعراب، إذ لو كان تفسير إعراب لم تكن: على، متعلقا، بتكبروا المضمنة معنى الحمد، إنما كانت تكون متعلقة بحامدين التي قدرها، والتقدير الإعرابي هو، أن تقول: كأنه قيل: ولتحمدوا الله بالتكبير على ما هداكم، كما قدر الناس في قولهم: قتل الله زيادا عني أي: صرف الله زيادا عني بالقتل، وفي. قول الشاعر:
* ويركب يوم الروع فينا فوارس * بصيرون في طعن الأباهر والكلي * أي: تحكمون بالبصيرة في طعن الأباهر، والظاهر في: ما، أنها مصدرية أي: على هدايتكم، وجوزوا أن تكون: ما، بمعنى الذي، وفيه بعد، لأنه يحتاج إلى حذفين أحدهما: حذف العائد على: ما، أي: على الذي هداكموه وقدرناه منصوبا لا مجرورا بإلى، ولا باللام