وقال رؤبة.
فارتد عنها كارتداد الأكمه البرص: داء معروف وهو بياض يعتري الجلد، يقال منه: برص فهو أبرص، ويسمى القمر أبرص لبياضه، والوزغ سام أبرص للبياض الذي يعلو جلده.
ذخر: الشيء يذخره خبأه، والذخر المذخور قال:
* لها أشارير من لخم تثمره * من الثعالي وذخر من أرانبها * * (وإذ قالت الملئكة يامريم * مريم * إن الله اصطفاك) * لما فرغ من قصة زكريا، وكان قد استطرد من قصة مريم إليها، رجع إلى قصة مريم، وهكذا عادة أساليب العرب، متى ذكروا شيئا استطردوا منه إلى غيره ثم عادوا إلى الأول إن كان لهم غرض في العود إليه، والمقصود تبرئة مريم عن ما رمتها به اليهود، وإظهار استحالة أن يكون عيسى إلها، فذكر ولادته.
وظاهر قوله الملائكة أنه جمع من الملائكة وقيل: المراد جبريل ومن معه من الملائكة، لأنه نقل أنه: لا ينزل لأمر إلا ومعه جماعة من الملائكة وقيل: جبريل وحده.
وقرأ ابن مسعود، وعبد الله بن عمرو: وإذ قال الملائكة، وفي نداء الملائكة لها باسمها تأنيس لها وتوطئة لما تلقيه إليها ومعمول القول الجملة المؤكدة: بأن.
والظاهر مشافهة الملائكة لها بالقول قال الزمخشري: روي أنهم كلموها شفاها معجزة لزكريا، أو إرهاصا لنبوة عيسى. انتهى. يعني: بالارهاص التقدم، والدلالة على نبوة عيسى وهذا مذهب المعتزلة، لأن الخارق للعادة عندهم لا يكون على يد غير نبي إلا إن كان في وقته نبي، أو انتظر بعث نبي، فيكون ذلك الخارق مقدمة بين يدي بعثة ذلك النبي.
* (وطهرك) * التطهير هنا من الحيض، قاله ابن عباس قال السدي: وكانت مريم لا تحيض. وقال قوم: من الحيض والنفاس وروي عن ابن عباس: من مس الرجال وعن مجاهد: عما يصم النساء في خلق وخلق ودين، وعنه أيضا: من الريب والشكوك.
* (واصطفاك على نساء العالمين) * قيل: كرر على سبيل التوكيد والمبالغة وقيل: لا توكيد إذ المراد بالاصطفاء الأول اصطفاء الولاية، وبالثاني اصطفاء ولادة عيسى، لأنها بولادته حصل لها زيادة اصطفاء وعلو منزلة على الأكفاء وقيل: الاصطفاء الأول: اختيار وعموم يدخل فيه صوالح من النساء، والثاني: اصطفاء على نساء العالمين. وقيل: لما أطلق الاصطفاء الأول بين بالثاني أنها مصطفاة على النساء دون الرجال وقال الزمخشري: اصطفاك أولا حين تقبلك من أمك ورباك، واختصك بالكرامة السنية، وطهرك مما يستقذر من الأفعال، ومما قذفك به اليهود، واصطفاك آخرا على نساء العالمين بأن وهب لك عيسى من غير أب، ولم يكن ذلك لأحد من النساء. انتهى. وهو كلام حسن، ويكون: نساء العالمين، على قوله عاما، ويكون الأمر الذي اصطفيت به من أجله هو اختصاصها بولادة عيسى وقيل: هو خدمة البيت وقيل: التحرير ولم تحرر أنثى غير مريم وقيل: سلامتهها من نخس الشيطان وقيل: نبوتها، فإنه قيل إنها نبئت، وكانت الملائكة تظهر لها وتخاطبها برسالة الله لها، وكان زكريا يسمع