البرة في الأراضي القوية المغلة، فبلغ حبها هذا المبلغ، ولم لم يوجد لكان صححيحا في سبيل الفرض والتقدير؛ إنتهى كلامه.
وقال ابن عيسى: ذلك يتحقق في الدخن، على أن التمثيل يصح بما يتصور، وإن لم يعاين. كما قال الشاعر:
* فما تدوم على عهد تكون به * كما تلون في أثوابها الغول إنتهى كلامه. وكما قال امرؤ القيس:
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ومسنونة زرق كأنياب أغوال * وخص سبعا من العدد لأنه كما ذكر، وأقصى ما تخرجه الحبة من الأسؤق. وقتال ابن عطية: قد يوجد في سنبل القمح ما فيه مائة حبة، وأما في سائر الحبوب فأكثر، ولكن المثال وقع بمائة، وقد ورد القرآن بأن الحسنة في جميع أعمال البر بعشرة أمثالها، واقتضت هذه الأية أن نفقة الجهاد بسبعمائة ضعف، ومن ذلك الحديث الصحيح. إنتهى ما ذكره.
وقيل: واختص هذا العدد لأن السبع أكثر أعداد العشرة، والسبعين أكثر أعداد المائة، وسبع المائة أكثر أعداد الألف، والعرب كثيرا ما تراعي هذه الأعداد. قال تعالى: * (سبع سنابل) * و * (سبع ليال) * و * (سبع * سنبلات) * و * (سبع بقرات) * و * (سبع سماوات) * و * (سبع سنين) * و * (ءان * تستغفر لهم سبعين مرة) * * (ذرعها سبعون ذراعا) * وفي الحديث: (إلى سبطعمائة ضعف)، (إلى سبعة آلاف) (إلى ما لا يحصي عدده إلا الله وأتى التميير هنا بالجمع الذي لا نظير له في الآحاد، وفي سورة يوسف بالجمع بالألف والتاء في قوله: * (وسبع سنبلات خضر) *.
قال الزمخشري: فإن قلت: هلا قيل: * (سبع * سنبلات) * على حقه من التمييز لجمع القلة، كما قال: * (وسبع سنبلات خضر) *؟
قلت: هذا لما قدمت عند قوله: * (ثلاثة قروء) * من وقوع أمثلة الجمع متعاورة مواقعها إنتهى كلامه. فجعل هذا من باب الاتساع، ووقوع أحد الجمعين موقع الآخر على سبيل المجاز، إذ كان حقه أن يميز بأقل الجمع، لأن السبع من أقل العدد، وهذا الذي قاله الزمخشري ليس على إطلاقه، فنقول جمع السلامة بالواو والنون، أو بالألف والتاء، لا يميز به من ثلاثة إلى عشرة إلا إذا لم يكن لذلك المفرد جمع غير هذا الجمع، أو جاور ما أهمل فيه هذا الجمع، وإن كان المجاور لم يهمل فيه هذا الجمع.
فمثال الأول: قوله تعالى: * (سبع سماوات) * فلم يجمع سماء هذه المظلة تسوى هذا الجمع وأما قوله:
فوق سبع سمائيا فنصوا على شذوذه، وقوله تعالى: * (سبع بقرات) * * (عليهم ءايات) * وخمس صلوات لأن البقرة والآية والصلاة ليس لها سوى هذا الجمع، ولم يجمع على غيره.
ومثال الثاني: قوله تعالى: * (وسبع سنبلات خضر) * لما عطف على: * (سبع بقرات) * وجاوره حسن فيه جمعه بالألف والتاء، ولو كان لم يعطف ولم يجاور لكان: * (سبع سنابل) *، كما في هذه الآية، ولذلك إذا عرى عن المجاور جاء على مفاعل في الأكثر، وألاولى، وإن كان يجمع بالألف والتاء، مثال ذلك قوله تعالى: * (سبع طرائق) * و * (سبع