وجبروت، وهو يوصف به الواحد والجمع. ومذهب سيبويه أنه اسم مفرد كأنه أسم جنس يقع للكثير والقليل، وزعم أبو العباس أنه جمع، وزعم بعضهم أن التاء في طاغوت بدل من لام الكلمة، ووزنه: فاعول.
العروة: موضع الإمساك وشد الأيدي والتعلق، والعروة شجرة تبقى على الجذب لأن الإبل تتعلق بها في الخصب من: عروته: ألممت به متعلقا، واعتراه ألم: تعلق به.
الانفصام: الانقطاع، وقيل الانكسار من غير بينونة، والقصم بالقاف الكسر ببينونة، وقد يجيء الفصم بالفاء في معنى البينونة.
* (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) * مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما ذكر اصطفاء طالوت على بني إسرائيل، وتفضل داود عليهم بايتائه الملك والحكمة وتعليمه، ثم خاطب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم)، بأنه من المرسلين، وكان ظاهر اللفظ يقتضى التسوية بين المرسلين، بين بأن المرسلين متفاضلون أيضا، كما كان التفاضل بين غير المرسلين: كطالوت وبني إسرائيل.
و: تلك، مبتدأ وخبره: الرسل، و: فضلنا، جملة حالية، وذو الحال: الرسل، والعامل فيه اسم الإشارة. ويجوز أن يكون: الرسل، صفة لاسم الإشارة، أو عطف بيان، وأشار بتلك التي للبعيد لبعد ما بينهم من الأزمان وبين النبي صلى الله عليه وسلم)، قيل الإشارة إلى الرسل الذين ذكروا في هذه السورة، أو للرسل التي ثبت علمها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم)، والأولى أن تكون إشارة إلى المرسلين في قوله: * (وإنك لمن المرسلين) * ولا يلزم من ذلك علمه صلى الله عليه وسلم) بأعيانهم، بل أخبر أنه من جملة المرسلين، وأن المرسلين فضل الله بعضهم على بعض، وأتى: بتلك، التي للواحدة المؤنثة، وإن كان المشار إليه جمعا، لأنه جمع تكسير، وجمع التكسير حكمه حكم الواحدة المؤنثة في الوصف، وفي عود الضمير، وفي غير ذلك، وكان جمع تكسير هنا لاختصار اللفظ، ولإزالة قلق التكرار، لأنه لو جاء: أولئك المرسلون فضلنا، كان اللفظ فيه طول، وكان فيه التكرار والالتفات في: نتلوها، وفي: فضلنا، لأنه خروج إلى متكلم من غائب، إذ قبله ذكر لفظ: الله، وهو لفظ غائب.
والتضعيف في: فضلنا، للتعدية، و: على بعض، متعلق بفضلنا، قيل: والتفضيل بالفضائل بعد الفرائض أو الشرائع على غير ذي الشرائع، أو بالخصائص كالكلام.
وقال الزمخشري: * (فضلنا بعضهم على بعض) * لما أوجب ذلك من تفاضلهم في الحسنات. انتهى. وفيه دسيسه اعتزالية.
ونص تعالى في هذه الآية على تفضيل بعض الأنبياء على بعض في الجملة دون تعيين مفضول. وهكذا جاء في الحديث: (أنا سيد ولد آدم). وقال: (لا تفضلوني على موسى) وقال: (لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى).
* (منهم من كلم الله) * قرأ الجمهور بالتشديد ورفع الجلالة، والعائد على: من، محذوف تقديره من كلمه وقرئ بنصب الجلالة والفاعل مستتر في: كلم، يعود على: من، ورفع الجلالة أتم في التفضيل من النصب، إذ الرفع يدل على الحضور والخطاب منه تعالى للمتكلم، والنصب يدل على الحضور دون الخطاب منه وقرأ أبو المتوكل، وأبو نهشل، وابن السميفع: كالم الله بالألف ونصب الجلالة من المكالمة، وهي صدور الكلام من اثنين، ومنه قيل: كليم الله أي، مكالمه فعيل بمعنى مفاعل: كجليس وخليط. وذكر التفضيل بالكلام وهو من أشرف تفضيل حيث جعله محلا لخطابه ومناجاته من غير سفير، وتضافرت نصوص المفسرين هنا على أن المراد بالمكلم هنا هو موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن آدم: أنبي مرسل؟ فقال: (نعم نبي مكلم). وقد صح في حديث الإسراء حيث ارتقي رسول الله صلى الله عليه وسلم) إلى مقام تأخر عنه فيه جبريل، أنه جرت بينه صلى الله عليه وسلم) وبين ربه تعالى مخاطبات ومحاورات، فلا يبعد أن يدخل تحت قوله: * (منهم من كلم الله) *: موسى وآدم ومحمد صلى الله عليه وسلم)، لأنه قد ثبت تكليم الله لهم.
وفي قوله: * (كلام الله) * إلفتات، إذ هو خروج إلى ظاهر غائب من ضمير متكلم، لما في ذكر هذا الاسم العظيم من التفخيم والتعظيم، ولزوال قلق تكرار ضمير المتكلم، إذ كأن يكون: فضلنا، وكلمنا، ورفعنا، وآتينا.
* (ورفع بعضهم