تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٢٠١
عليها في الميراث، وبالجهاد، قاله مجاهد، وقتادة: أو: بوجوب طاعتها إياه وليس عليه طاعتها، قاله زيد بن أسلم، وابنه: أو: بالصداق، وجواز ملاعنة إن قذف، وحدها إن قذفت، قال الشعبي، رضي الله تعالى عنه: أو بالقيام عليها بالإنفاق وغيره، وإن اشتركا في الاستمتاع، قاله ابن إسحاق أو: بملك العصمة وإن الطلاق بيده، قاله قتادة، وابن زيد. أو: بما يمتاز منها كاللحية، قاله مجاهد أو: بملك الرجعة أو بالإجابة إلى فراشه إذا دعاها، وهذا داخل في القول الثاني: أو: بالعقل، أو بالديانة، أو بالشهادة، أو بقوة العبادة، أو بالذكورية، أو لكون المرأة خلقت من الرجل، أشار إليه ابن العربي: أو: بالسلامة من أذى الحيض والولادة والنفاس، أو بالتزوج عليها والتسري، وليس لها ذلك، أو بكونه يعقل في الدية بخلافها، أو بكونه إماما بخلافها.
وقال ابن عباس: تلك الدرجة إشارة إلى حض الرجال على حسن العشرة والتوسع للنساء في المال والخلق، أي: إن الأفضل ينبغي أن يتحامل على نفسه. انتهى.
والذي يظهر أن الدرجة هي ما تريده النساء من البر والإكرام والطواعية والتبجيل في حق الرجال، وذلك أنه لما قدم أن على كل واحد من الزوجين للآخر عليه مثل ما للآخر عليه، اقتضى ذلك المماثلة، فبين أنهما، وإن تماثلا في ما على كل واحد منهما للآخر، فعليهن مزيد إكرام وتعظيم لرجالهن، وأشار إلى العلة في ذلك: وهو كونه رجلا يغالب الشدائد والأهوال، ويسعى دائما في مصالح زوجته، ويكفيها تعب الاكتساب، فبازاء ذلك صار عليهن درجة للرجل في مبالغة الطواعية، وفيما يفضي إلى الاستراحة عندها.
وملخص ما قاله المفسرون، يقتضى أن للرجل درجة تقتضي التفضيل.
و: درجة، مبتدأ، و: للرجال، خبره، وهو خبر مسوغ لجواز الابتداء بالنكرة، و: عليهن، متعلق بما تعلق به الخبر من الكينونة والاستقرار، وجوزوا أن يكون: عليهن، في موضع نصب على الحال، لجواز أنه لو تأخر لكان وصفا للنكرة، فلما تقدم انتصب على الحال، فتعلق إذ ذاك بمحذوف وهو غير العامل في الخبر، ونظيره: في الدار قائما رجل، كان أصله: رجل قائم، ولا يجوز أن يكون: عليهن، الخبر، و: للرجال، في موضع الحال، لأن العامل في الحال إذ ذاك معنوي، وقد تقدمت على جزأى الجملة، ولا يجوز ذلك، ونظيره: قائما في الدار زيد. وهو ممنوع لا ضعيف كما زعم بعضهم، فلو توسطت الحال وتأخر الخبر، نحو: زيد قائما في الدار، فهذه مسألة الخلاف بيننا وبين أبي الحسن، أبو الحسن يجيزها، وغيره يمنعها.
* (والله عزيز حكيم) * تقدم تفسير هذين الوصفين، وختم الآية بهما لأنه تضمنت الآية ما معناه الأمر في قوله:
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»