وقادتهم الذين اتبعوهم في أقوالهم وأفعالهم، قاله ابن عباس وعطاء وأبو العالية وقتادة والربيع ومقاتل والزجاج، أو الشياطين الذين كانوا يوسوسون ويرونهم الحسن قبيحا والقبيح حسنا، قاله الحسن وقتادة أيضا والسدي؛ أو عام في كل متبوع، وهو الذي يدل عليه ظاهر اللفظ. وقراءة الجمهور: اتبعوا الأول مبنيا للمفعول، والثاني مبنيا للفاعل. وقراءة مجاهد بالعكس. فعلى قراءة الجمهور: تبرؤ المتبوعون بالندم على الكفر، أو بالعجز عن الدفع، أو بالقول: إنا لم نضل هؤلاء، بل كفروا بإرادتهم وتعلق العقاب عليهم بكفرهم، ولم يتأت ما حاولوه من تعليق ذنوبهم على من أضلهم. أقوال ثلاثة، الأخير أظهرها، وهو أن يكون التبرؤ بالقول. قال تعالى: * (تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون) *. وتبرؤ التابعين هو انفصالهم عن متبوعيهم والندم على عبادتهم، إذ لم يجد عنهم يوم القيامة شيئا، ولم يدفع عنهم من عذاب الله، ورأوا العذاب الظاهر. إن هذه الجملة، هي وما بعدها، قد عطفتا على تبرأ، فهما داخلان في حيز الظرف. وقيل: الواو للحال فيهما، والعامل تبرأ، أي تبرؤوا في حال رؤيتهم العذاب وتقطع الأسباب بهم، ولأنها حالة يزداد فيها الخوف والتنصل ممن كان سببا في العذاب. وقيل: الواو للحال في: ورأوا العذاب، وللعطف في: وتقطعت على تبرأ، وهو اختيار الزمخشري.
وتقطعت بهم الأسباب) *: كناية عن أن لا منجى لهم من العذاب، ولا مخلص، ولا تعلق بشيء يخلص من عذاب الله، وهو عام في كل ما يمكن أن يتعلق به. وللمفسرين في الأسباب أقوال: الوصلات عن قتادة، والأرحام عن ابن عباس وابن جريج، أو الأعمال المتلزمة عن ابن زيد والسدي، أو العهود عن مجاهد وأبي روق، أو وصلات الكفر، أو منازلهم من الدنيا في الجاه عن ابن عباس، أو أسباب النجاة، أو المودات. والظاهر دخول الجميع في الأسباب، لأنه لفظ عام. وفي هذه الجمل من أنواع البديع نوع يسمى الترصيع، وهو أن يكون الكلام مسجوعا كقوله تعالى: * (*) *: كناية عن أن لا منجى لهم من العذاب، ولا مخلص، ولا تعلق بشيء يخلص من عذاب الله، وهو عام في كل ما يمكن أن يتعلق به. وللمفسرين في الأسباب أقوال: الوصلات عن قتادة، والأرحام عن ابن عباس وابن جريج، أو الأعمال المتلزمة عن ابن زيد والسدي، أو العهود عن مجاهد وأبي روق، أو وصلات الكفر، أو منازلهم من الدنيا في الجاه عن ابن عباس، أو أسباب النجاة، أو المودات. والظاهر دخول الجميع في الأسباب، لأنه لفظ عام. وفي هذه الجمل من أنواع البديع نوع يسمى الترصيع، وهو أن يكون الكلام مسجوعا كقوله تعالى: * (ولستم بأخذيه إلا أن تغمضوا فيه) *، وهو في القرآن كثير، وهو في هذه الآية في موضعين. أحدهما: * (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا) *، وهو محسن الحذف لضمير الموصول في قوله: اتبعوا، إذ لو جاء اتبعوهم، لفات هذا النوع من البديع. والموضع الثاني: * (ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب) *، ومثال ذلك في الشعر قول أبي الطيب:
* في تاجه قمر في ثوبه بشر * في درعه أسد تدمي أظافره * وقولنا من قصيد عارضنا به بانت سعاد:
* فالنحر مرمرة والنشر عنبرة * والثغر جوهرة والريق معسول * * (وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما * تنقم منا) *، المعنى: أنهم تمنوا الرجوع إلى الدنيا حتى يطيعوا الله ويتبرؤوا منهم في الآخرة إذا حشروا جميعا، مثل ما تبرأ المتبوعون أولا منهم. ولو: هنا للتمني. قيل: وليست التي لما كان سيقع لوقوع غيره، ولذلك جاء جوابها بالفاء في قوله: * (فنتبرأ) *، كما جاء جواب ليت في قوله: * (مودة ياليتنى كنت معهم فأفوز) *، وكما جاء في قول الشاعر:
* فلو نبش المقابر عن كليب * فتخبر بالذنائب أي زير *