والزبور، ولأن يحذروا مخالفة ما دعوا إليه من الإيمان برسول الله والقرآن، ولأن تذكير النعم السالفة يطمع في النعم الخالقة، وذلك الطمع يمنع من إظهار المخالفة. وهذه النعم، وإن كانت على آبائهم، فهي أيضا نعم عليهم، لأن هذه النعم حصل بها النسل، ولأن الانتساب إلى آباء شرفوا بنعم تعظيم في حق الأولاد. قال بعض العارفين: عبيد النعم كثيرون، وعبيد المنعم قليلون، فالله تعالى ذكر بني إسرائيل نعمه عليهم، ولما آل الأمر إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم) ذكر المنعم فقال: * (فاذكرونى أذكركم) *، فدل ذلك على فضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم) على سائر الأمم، وفي قوله: * (نعمتي) *، نوع التفات، لأنه خروج من ضمير المتكلم المعظم نفسه في قوله: * (ءاياتنا) * إلى ضمير المتكلم الذي لا يشعر بذلك. وفي إضافة النعمة إليه إشارة إلى عظم قدرها وسعة برها وحسن موقعها، ويجوز في الياء من نعمتي الإسكان والفتح، والقراء السبعة متفقون على الفتح. وأنعمت: صلة التي، والعائد محذوف، التقدير: أنعمتها عليكم.
* (وأوفوا بعهدى أوف بعهدكم) *. العهد: تقدم تفسيره لغة في قوله: * (الذين ينقضون عهد الله) *، ويحتمل العهد أن يكون مضافا إلى المعاهد وإلى المعاهد. وفي تفسير هذين العهدين أقوال: أحدها: الميثاق الذي أخذه عليهم من الإيمان به والتصديق برسله، وعهدهم ما وعدهم به من الجنة. الثاني: ما أمرهم به وعهدهم ما وعدهم به، قاله ابن عباس. الثالث: ما ذكر لهم في التوراة من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وعهدهم ما وعدهم به من الجنة، رواه أبو صالح عن ابن عباس. الرابع: أداء الفرائض وعهدهم قبولها والمجازاة عليها. الخامس: ترك الكبائر وعهدهم غفران الصغائر. السادس: إصلاح الدين وعهدهم إصلاح آخرتهم. السابع: مجاهدة النفوس وعهدهم المعونة على ذلك. الثامن: إصلاح السرائر وعهدهم إصلاح الظواهر. التاسع: * (خذوا ما ءاتيناكم بقوة) *، قاله الحسن. العاشر: * (وإذا * أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا) *. الحادي عشر: الإخلاص في العبادات وعهدهم إيصالهم إلى منازل الرعايات. الثاني عشر: الإيمان به وطاعته، وعهدهم ما وعدهم عليه من حسن الثواب على الحسنات. الثالث عشر: حفظ آداب الظواهر وعهدهم في السرائر. الرابع عشر: عهد الله على لسان موسى عليه السلام لبني إسرائيل: إني باعث من بني إسرائيل نبيا فمن اتبعه